رغم اهتمام وزارة الصحة بجميع المستشفيات لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين على أكمل وجه في شتى بقاع الأرض، إلا أن محافظة الأفلاج أكبر محافظات منطقة الرياض الواقعة على بعد 300 كم من العاصمة، لا زال سكانها يشكون من ضعف الخدمات الصحية المقدمة من مستشفاهم العام ومراكز الرعاية الأولية التابعة له، وتزداد حاجة المحافظة للمزيد من الخدمات الصحية مع زيادة عدد سكانها حتى وصل إلى قرابة 80 ألف نسمة. وبين ل «عكاظ» عدد من الأهالي أن مستشفى الأفلاج العام يعاني من عدة سلبيات منها ضعف كادره الطبي، افتقاره لمجموعة من التخصصات الأساسية كالمخ والأعصاب، المسالك البولية والباطنية، نقص العاملين في قسم الأشعة، نقص الأطباء في قسم الإسعاف، العيادات الخارجية ومراكز الرعاية الأولية، إضافة إلى التهاون الحاصل من بعض الأطباء في عملهم، وتكرار تعطل نظام الحاسب الآلي داخل المستشفى، ما يتسبب أحيانا في عدم المتابعة الدقيقة للمواعيد. وردا على مطالبات الأهالي بتطوير الخدمات الصحية في الأفلاج، قال ل «عكاظ» مدير إدارة العلاقات العامة في الشؤون الصحية في منطقة الرياض سعد القحطاني «إن الأفلاج تحتاج إلى تطوير كونها تقع على خط دولي، والخدمات الصحية فيها جزء من خطة تنفذها وزارة الصحة حاليا»، مشيرا إلى أن مدير عام الشؤون الصحية في منطقة الرياض الدكتور عدنان العبدالكريم، سيزور محافظة الأفلاج خلال الأسبوع المقبل لافتتاح قسم العلاج الطبيعي وقسم الأسنان، وسيقف على وضع الخدمات الصحية في المحافظة وما يقدمه المستشفى العام والمراكز الصحية التابعة له من خدمات، وسيتعرف على جميع الملاحظات والاحتياجات المطلوبة والتخصصات الناقصة لاعتمادها بشكل فوري. وحول القضايا المنظورة على بعض أطباء الأفلاج، قال «هذه القضايا المنظورة ليست في الأفلاج فحسب، بل إنها في معظم المستشفيات، وليس كل قضية مرفوعة تعتبر خطأ طبيا بلا إن بعضها لا يخرج عن كونه مضاعفات بعد العملية، مؤكدا أن أي طبيب تثبت إدانته بخطأ طبي في أي مستشفى سيحاكم محاكمة شرعية. «عكاظ» وقفت على المستشفى وبعض مراكز الرعاية الصحية التابعة له، واستمعت لطلبات بعض موظفي وزارة الصحة نفسها، وبعض الأهالي ومراجعي العيادات الصحية. قصور الخدمات الصحية وأجمع الأهالي والمراجعون على أن المستشفى بحاجة ماسة إلى تدخل وزارة الصحة للوقوف على قصور الخدمات الصحية فيه وتهالك بنيته التحتية بكاملها بما فيها بعض الأجهزة الطبية. ويقول محمد الجويعده «إن المستشفى في حاجة إلى تبديل جميع أدواته الصحية، زيادة الأطباء والعاملين في التمريض في قسم الإسعاف، حيث يلاحظ أحيانا أنه لا يوجد في الإسعاف إلا طبيب واحد أو طبيبان، ويلاحظ تدني الخدمة المقدمة في القسم، خصوصا مع كثرة الحوادث في إجازة الصيف». ويؤكد فهيد العبد الهادي أن المستشفى يشهد قصورا واضحا فقال «ذهبت مرة بأحد أطفالي الذي أغمي عليه بعد تعرضه لحالة دهس، إلى قسم الطوارئ في المستشفى، وعند وصولي إلى القسم تبين وجود طبيب واحد فقط، وعند إصراري عليه بالكشف على ابني، أفاد بأن هناك حالة أخرى تستدعي وقوفه عليها تاركا ابني في غيبوبة ملقى على السرير دون أن يكشف عليه، وصدفة حضر طبيب آخر من خارج المستشفى، وتولى الكشف عليه». مركز صحي حي الدوائر لا تختلف مراكز الرعاية الأولية عن المستشفى العام في نقص الكوادر الطبية وضعفها، فالحال متشابه، حيث اتضح أن مراجعي جميع مراكز الرعاية الأولية داخل وخارج المحافظة متفقون في المعاناة والشكوى. فحوصات وهمية في مركز صحي حي الدوائر التقينا المواطن مسفر المحمد فقال «قصور الخدمات الصحية موجود في الكثير من المراكز الصحية في المحافظة، وما يؤكد ذلك أن أحد الأطباء في مركز الدوائر سجل لي قياسات وهمية للضغط والسكر والحرارة، دون فحوصات مخبرية حين مراجعتي للمركز بعد أن شعرت بدوخة، وأبلغني الطبيب بعد فحصه الشفهي لي أنه سيحولني إلى المستشفى العام، وبعد وصولي إلى المستشفى أبلغني مدير العيادة بأن فحوصاتي سليمة، أكدت له أنه لم تجر لي أية فحوص مخبرية حقيقية، وفي الأخير اتضحت الرؤية أن طبيب حي الدوائر كتب لي تشخيص وهمي، قابلت مدير المركز نفسه وشرحت له الوضع، واتصل على الطبيب نفسه لمساءلته في هذا الخطأ الشنيع. وفي نفس السياق اعترف ل«عكاظ» مدير المركز الصحي في حي الدوائر إبراهيم بن سحمان أن طبيب المركز سجل للمريض مقاسات وهمية دون اجراء فحوصات واقعية، وقال «نرفض هذا الخطأ الكبير الذي ارتكبه الطبيب وسأحقق معه حتى ولو تنازل المريض عن حقه، كون هذا التصرف فيه خطر على أرواح المرضى وكيف لو لم يكتشف المريض هذا الإهمال». بعد ذلك اتجهت لكشف ماهو مستور خلف كواليس المراكز الصحية خارج المحافظة وبدأت بمركز صحي الغيل، وعند الدخول سألت ممرضة مصرية عن الأطباء، فأجابت بأنه لا يوجد إلا طبيب واحد، سألته عن احتياجات المركز، فأجاب بأن هناك نقصا حادا جدا في الكوادر، لا يوجد إلا هو وممرضة، وبعدما علم أني صحافي وأبحث عن أوضاع الخدمات الصحية في المحافظة، بدأ يعلل إجابته السابقة بقلة سكان المنطقة، سألت الممرضة عن احتياجات وقصور الخدمات الصحية وأوضاع المركز الصحي في الحي، فأجابت «يوجد نقص في العاملين، والدليل أنني ممرضة وفي نفس الوقت صيدلية ومضمدة جروح، وأجري التطعيم للكبار والصغار وأعالج النساء وأحيانا الرجال وكلها في آن واحد، دونت في المفكرة جميع ملاحظات الممرضة أم محمد وشكرتها. وفي مركز أستاره وحراضه، لم نجد إلا مركز صحي واحد، شاهدنا بعض المراجعين، وتتكرر في هذا المركز معاناة أم محمد الممرضة الوحيدة في صحي الغيل، وناشدا الأهالي وزارة الصحة الاهتمام بهذه المراكز الصحية التي تبعد عن المستشفى العام قرابة 60 كم، وذلك بدعمها بالأجهزة الصحية الحديثة الكوادر الطبية الكافية. تطوير مركز واسط لا يختلف مركز صحي حي واسط الواقع على بعد 45 كم جنوب غرب المحافظة عن وضع المراكز الأخرى، يعمل فيه طبيب واحد وممرضة واحدة، يوجد المركز في مبنى متهالك يشكو ضعف الخدمات والإهمال الواضح، أشار سكان الحي إلى أن مركزهم الصحي يحتاج إلى إسعافات لعله يشفى مما هو فيه من معاناة، مبينين أنهم يعلقون آمالا عريضة على زيارة مدير عام الشؤون الصحية في الرياض الأسبوع المقبل إلى مستشفى الأفلاج العام والمراكز التابعة له، معربين عن آمالهم في تطوير مركزهم الصحي. مركز صحي الأحمر تقع مدينة الأحمر على بعد 70 كيلو مترا عن المحافظة، وهي مأهولة بالسكان ويتجاوز عددهم 7000 نسمة وتتبع لها عشرة قرى ومراكز وهجر، ويعاني مركزهم الصحي الوحيد وفق مديره مبارك بن ظفر العلي من نقص عدد الموظفين الإداريين والممرضات، ويفتقر لطبيبة نساء، فنية أشعة خاصة بالنساء، فني مختبر ومستخدمة، ولا يوجد في المركز إلا سائق إسعاف واحد، إذا أخذ إجازة أو تعرض لعلة مرضية توقف الإسعاف، يضاف إلى ذلك أن عيادة الأسنان قديمة ومتهالكة ولا تصلح للعمل، وظل المركز بدون صيدلي أكثر من أربعة أشهر، يضاف إلى ذلك أننا نعاني من قلة توفير الأدوية بالكمية المطلوبة وفي الزمن المحدد ويعمل مدير المركز الصحي مراقبا صحيا. وأكد رئيس مركز الأحمر محمد بن شايع آل وقيان، أن سكان المركز وتوابعه لم يأخذوا حقهم من الخدمات التي تزخر بها المناطق الأخرى, مشيرا إلى أن الأمل ما يزال قائما في المسؤولين خصوصا في القطاع الصحي بأن يهتموا بالمركز وشكاوى سكانه عن تدني الخدمات في المركز الصحي. معوقات المستشفى العام عندما مررت بغرف سائقي الإسعاف داخل المستشفى العام استوقفني أحدهم، وقال لي ماذا تبحث هنا ؟. أخبرته أني أبحث عن قضايا الخدمات الصحية في المحافظة، اتجه لي وأخذ بيدي وواجهني بقرابة 14 موظفا يعملون سائقي إسعاف في المستشفى، وطلبوا مني أن أنقل معاناتهم لوزارة الصحة، وذلك لإعادة بدل خدمة المرضى التي كانت تصرف لهم منذ 30 عاما، بعد أن أوقفت فجأة قبل عامين. وكما هو الحال مع حراس الأمن في المستشفى نفسه، ناشد 24 موظفا ما بين مشرف وحارس أمن، وزارة الصحة ممثلة في وزيرها الدكتور عبدالله الربيعة، للتدخل لصرف رواتبهم كما هو متفق عليه مع الشركة المشغلة للصيانة والتشغيل في المستشفى العام، مشيرين إلى أن الشركة لا تزال تصرف لهم رواتب ضئيلة لا تصل إلى 1400 ريال تحسم منها التأمينات الاجتماعية، رغم التعليمات الواضحة على ألا يقل راتب الموظف السعودي عن ثلاثة آلاف ريال، مشيرين إلى أنه لم يصرف لهم راتب الشهرين أسوة ببعض الشركات، وقالوا الراتب الذي نتقاضاه حاليا لا يتماشى مع غلاء المعيشة، وصحة الرياض أوصت قبل فترة برفع رواتب موظفي مؤسسات الصيانة والتشغيل في المستشفيات إلى ثلاثة آلاف ريال. نقص الخدمات الصحية انتقد رئيس المجلس البلدي في الأفلاج مرضي الحبشان، ما وصل إليه مستشفى الأفلاج العام من معاناة سواء من ضعف الخدمات ونقصها في جميع التخصصات أو زيادة الأخطاء الطبية التي تجاوزت النسبة المعتادة، عدم مبالاة بعض الأطباء في التعامل مع المرضى ومراعاة مشاعرهم وتقدير ظروفهم الصحية، وقال «هناك بعض الأطباء يعملون وعليهم قضايا طبية منظورة لدى مديرية الشؤون الصحية في الرياض»، مشيرا إلى أنه رفع عدة شكاوى بشأن بعض القصور الحاصل في المجال الطبي في المستشفى، وجرى التحقيق مع جميع الأطراف، ومع ذلك لم نر أي نتائج ملموسة، مضيفا لا تزال توجد مشاريع صحية متعثرة داخل المحافظة وخارجها، منها مبانٍ لبعض المراكز الصحية بدأ العمل فيها منذ ثلاث سنوات دون أن تكتمل أعمال العظم فيها، وبعض المقاولين توقفوا عن العمل لمدة تزيد عن عام، ثم استأنفوا العمل مرة أخرى بأداء ضعيف دون أي محاسبة أو مراقبة». وطالب الحبشان وزارة الصحة بإنشاء مركز متخصص في الصحة النفسية مع زيادة عدد المرضى النفسيين داخل الأفلاج، وانتشارهم بشكل ملحوظ في الشوارع والبعض منهم يؤذي نفسه والآخرين.