بالرغم من كثرة مراكز الرعاية الصحية الأولية في نجران ومحافظاتها، وانتشارها والتوسع فيها في عدد كبير من الأحياء، إلا أن غالبيتها لا يزال يقدم خدمات صحية متواضعة للمواطنين، ويجاهد في سبيل استيعاب المراجعين. "الوطن" قامت بجولات ميدانية على تلك المراكز، واقفة على الاستعدادات المتوافرة فيها، ومتحدثة مع المراجعين حول الخدمات المقدمة لهم، والنواقص والمشكلات التي يواجهونها، حيث أبدى عدد منهم حالا من "التذمر والشكوى"، بسبب ما اعتبروه "محاباة، وتأخيرا، وعدم اهتمام بالمرضى" إضافة ل"عدم وجود طبيبات نساء". تبرم مشترك أخذتنا جولتنا إلى مركز الرعاية الصحية الأولية في "بئر عسكر"، الواقع شرق منطقة نجران، متحدثين إلى الأهالي، الذين أول ما لفتوا له هو "عدم توفر طبيبة نسائية"، وهو النقص الذي تقول عنه نوف اليامي، "هذا الأمر الذي جعلنا نقطع مسافات بعيدة للحصول على طبيبة نسائية، لإجراء الفحوصات الطبية، والتأكد من سلامة الجنين لدى الحوامل، رغم المخاطرة في قطع المسافات البعيدة، على الصحة العامة لنا كنساء حوامل، إضافة لتذمر المراكز المجاورة من ذهابنا إليها". من جهته أبدى محمد آل منصور، امتعاضه من المركز الصحي الواقع في محافظة "خباش"، شرق نجران، كونه "مبنى مستأجرا، لا توجد به طبيبة نساء، وفي أغلب الأوقات يتعطل به جهاز تصوير الأشعة، مما أربك الأهالي، وجعلهم يقومون بمراجعات مستشفيات المنطقة". الحال لدى سالم سعود اليامي ليس بأفضل من سابقيه، فالمركز الصحي الذي يراجعه، والواقع في حي "الضيافة"، هو أيضا مبنى مستأجر، و"فنيا الأشعة والمختبر لا يتواجدان سوى ثلاثة أيام في الأسبوع، إضافة إلى أن وحدة الأسنان تعطي مواعيد بعد شهر للمراجعين، مما زاد من المعاناة"، كما أخبرنا في حديثنا معه. أما في "شرورة" فتشهد المراكز الصحية زحاما على عيادة الأسنان، في ظل الكثافة السكانية، وقلة الأطباء العاملين، إضافة إلى عدم توفر الدواء بالصيدليات الخاصة بتلك المراكز. الطوارئ الليلية عوارض صحية عاجلة، أو إصابات وحوادث سير يتعرض لها المواطنون أحيانا في المحافظات النائية، في "بدر الجنوب" و"الوديعة" و"خباش"، إلا أنهم لا يجدون أبواب أقسام الطوارئ في المراكز الصحية أمامهم مشرعة، ما يزيد من المعاناة، وهو ما دفع الأهالي، ومنهم فهد بن بيرم آل فطيح إلى "المطالبة بتشغيل قسم الطورائ بالمراكز الصحية إلى منتصف الليل". غياب واستهتار المشاكل لا تتعلق برأي المواطنين بقلة الإمكانات المادية، بل زاد عليها "غياب الموظفين، من ممرضين وإداريين، وخروجهم باكرا خصوصا بعد صلاة الظهر، مما يؤثر على سير العمل". وفي هذا الصدد يقول فهد اليامي "في ظل المحسوبيات بين أغلب الإداريين بهذه المراكز والموظفين، يتم السماح لهم بالغياب والاستئذان، والحصول على إجازات بكل سهولة". تساهل الإدارة تذكر إحدى الممرضات ل"الوطن"، أن سبب غياب الموظفين وكثرة الاستئذان، يعود ل"غياب إدارة المتابعة لعدة أشهر، مما تسبب في تسيب الموظفين بهذه المراكز". ويعتقد أحمد سعيد، أن من الأسباب "قلة الكادر الوظيفي من الممرضين بأغلب المراكز الصحية بالمنطقة على وجه العموم، وهو الأمر الذي يعود لوجود عدد ليس بقليل من الفنيين يشغلون وظائف إدارية، مع أنه يوجد موظفون إداريون بمراتب جيدة هم أحق بهذه المهنة، ومن المفترض تكليف من يشغلون وظائف إدارية من الممرضين الفنيين النزول للعمل بالميدان، وسد العجز الواقع". سوء النظافة قد يحاول البعض تفهم بعض النواقص، أو تبريرها، لكن ما يفهمه الكثيرون، هو غياب النظافة عن عدد من المراكز الصحية، وعدم تعقيم بعض الأجهزة والأدوات الصحية، مما يؤثر على صحة المراجعين، خاصة المصابين بأمراض وبائية معدية، أو ممن تصيبهم أزمات فجائية. ولا تستغرب أن تجد أوساخا متراكمة على باب أحد المراكز، أو تشم روائح غير مستحبة بين أزقتها!. كثافة سكانية محدودية الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز الصحية، جعلت أهالي شرق نجران، في قرى "الخرعاء" و"الحائرة" و"تصلال" و"الغويلاء"، يطالبون ب"فتح مستشفى، بسبب الكثافة السكانية في المنطقة، وتوسع المركز الصحي الذي يقع بعيدا عن الأهالي، فهو يقع في حي الغويلاء، كما أنه لا يفي بالغرض، لقلة الأطباء، وزحام الناس". وهي المشكلة التي حملتها "الوطن" إلى الناطق الإعلامي لصحة "نجران"، صالح بن علي آل ذيبة، الذي أوضح أن "مركز صحي الغويلاء يخدم منطقة سكانية تعدادها 21,488 نسمة، وهو يتبع لقطاع صحي العريسة، ويقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية من وقائية وعلاجية، من خلال العيادات القائمة"، مؤكدا أن "جميع العيادات تعمل يوميا"، كاشفا عن أن "الكثافة السكانية الحالية تعتبر الأعلى بين المراكز الداخلية، وقد تم الرفع للوزارة لاستحداث مراكز صحية بالخرعاء (8000) نسمة، وتصلال (4800) نسمة، وحائرة السلم (5000) نسمة. وقد تم اعتماد مركز صحي الخرعاء، والجاري إنشاؤه ضمن المرحلة الثالثة، من إنشاء وتجهيز 440 مركزا صحيا على مستوى المملكة". مختصون مؤهلون الملاحظات التي خرجت بها "الوطن"، من خلال زياراتها الميدانية، علق عليها الناطق الإعلامي لصحة "نجران"، صالح بن علي آل ذيبة، قائلا إن "العمل في المراكز الصحية يقدم عن طريق أشخاص مؤهلين ومختصين، والبعض منهم يأتي عن طريق مقام الوزارة، وأشخاص آخرين يأتون عن طريق المديرية العامة للشؤون الصحية"، مؤكدا أن "عملية التطوير مستمرة بالمراكز الصحية"، مؤكدا أن "الأطباء والكادر الصحي الآخر بجميع المراكز متوفر وكاف، من جميع الفئات، وبما يتناسب مع المعايير الموضوعة من قبل وزارة الصحة، وحسب التعداد السكاني لكل مركز صحي، مع العلم أنه يتم تزويد المراكز الصحية بالعدد المناسب من أي فئات يتم توظيفها أو التعاقد معها". المناوبة الليلية وحول مطالبة الأهالي بتشغيل الطوارئ بتلك المراكز إلى منتصف الليل، بين آل ذيبة أنه "يوجد حاليا ثلاثة مراكز صحية مناوبة، اثنان منها داخل نجران، والآخر في شرورة، وتم الرفع للوزارة للموافقة على افتتاح مركزين آخرين داخل مدينة نجران، علما أن المراكز الصحية في المحافظات تقوم بتقديم الخدمات الإسعافية على مدار الساعة، بعد انتهاء الدوام الرسمي". الطبيبات متوافرات أما فيما يخص مسألة عدم وجود طبيبات بأغلب المراكز الصحية بنجران، كما يشتكي الأهالي، فبين آل ذيبة أن "جميع المراكز داخل نجران مغطاة بالكامل بطبيبات، كما أنه في القطاعات الخارجية يوجد عدد كاف من الطبيبات لكل قطاع، في المراكز ذات الكثافة السكانية العالية، وسيتم تغطية باقي المراكز الصحية بالقطاعات الخارجية، عند تعاقد الوزارة مع طبيبات جدد". انتشار للمراكز آل ذيبة ركز على انتشار المراكز الصحية الواسعة موضحا أنه "بلغ عدد المراكز الصحية الأولية، والتي تقدم الخدمات الوقائية والعلاجية الأساسية بالمنطقة 61 مركزا صحيا، بالإضافة إلى ثلاثة مراكز ( المطار – منفذ الخضراء – مركز الوديعة). وعدد عيادات الأسنان بالمراكز الصحية الأولية التي تقدم خدمات طب الأسنان هو 46 عيادة، من بينها 5 عيادات أسنان للنساء في قطاعات ( البلد – القابل – حي الفهد – شرورة – الفيصلية)، كما يتوفر بالمنطقة أربع عيادات متنقلة ومحمولة، تعمل على مدار العام الدراسي لتوعية الطلاب والطالبات، وتطبيق الإجراءات الوقائية". رقابة دائمة وحول غياب الموظفين والممرضين والإداريين، بالمراكز الصحية، خصوصا بعد فترة الظهيرة، قال آل ذيبة "يوجد العديد من الجهات الرقابية التي تتابع سير العمل بالمراكز الصحية، سواء عن طريق إدارة المتابعة بالمديرية، أو المشرفين بإدارة الرعاية الصحية الأولية، ومشرفي القطاعات الصحية، بالإضافة إلى الجهات الخارجية مثل هيئة الرقابة والتحقيق، ويتم محاسبة كل مقصر في عدم انتظامه أو أداء عمله". معاملة حسنة آل ذيبة نفى وجود معاملة سيئة من الموظفين للمراجعين قائلا "تسود بين العاملين روح الفريق الواحد، علما بأنه يوجد مديرون للمراكز الصحية يعملون على تهيئة العاملين وحل أي مشاكل تواجههم". موضحا أنه "توجد بالمديرية العامة للشؤون الصحية، إدارة لعلاقات المرضى، التي تتلقى شكاوى المراجعين، والعمل على التأكد منها وحلها، وتلافي أي قصور من قبل تلك المراكز، ومحاسبة المقصرين في أداء عملهم. كما أن مكتب مساعد المدير العام للرعاية الصحية الأولية والطب الوقائي مفتوح لجميع المراجعين، لاستقبال أي شكاوى ترد إليه، سواء هاتفيا أو كتابيا بحضور المراجعين شخصيا".