«مذكرات بنت النوخذة» كتاب سيرة ذاتية. النوخذة، كلمة غير عربية شاعت في الماضي في منطقة الخليج للدلالة على ربان السفينة أو قائدها. أما بنت النوخذة فهي السيدة الكويتية لولوة عبدالوهاب القطامي، أول امرأة كويتية تغادر الكويت للدراسة في بريطانيا عام 1952. قراءة هذا الكتاب متعة، وأنا شاكرة جدا للمؤلفة إهداءه لي، حيث عشت معه أجواء مختلفة لأيام خلت أعادت الكاتبة ذكرها، وهي تحكي سيرة حياتها منذ طفولتها المبكرة. الكاتبة تعد نفسها محظوظة بأن تكون ابنة لأب واع مختلف في فكره عما كان شائعا في منطقة الخليج في عصره حول التعامل مع النساء والنظرة الدونية لهن، فحسب ما تذكره في الكتاب كانت واحدة بين سبع بنات وابن واحد، ولكن والدها كان يتعامل مع الجميع بطريقة واحدة، سواء فيما كان يعطي لهم من مصروف، أو ما يصدره لهم من تعليمات، أو ما يواجههم به من محاسبة على الأخطاء. وحين فتحت أول مدرسة نظامية للبنات في الكويت عام 1937 كان في مقدمة من ألحق بناته بها. وترجع الكاتبة سمة الانفتاح التي اتسم بها والدها إلى كونه بحارا يطوف بسفينته موانئ الهند والسند وغيرها من البلاد الكبيرة المليئة بالمعارف والثقافات المختلفة، ويتعامل مع تجار متنوعين في فكرهم وثقافاتهم، فمكنه ذلك من أن يرى جمال التعليم وأثره في تقدم الشعوب ورقيها، وأدرك ببصيرته أن التعليم هو السور الذي يحمي أبناءه وبناته من غوائل الزمن. وحين انتقلت الأسرة لتعيش في مدينة البصرة، بعد أن هاجر إليها والدها هربا من ملاحقة سياسية له، ألحقها والدها بمدرسة فرنسية مكنتها من إجادة اللغة الفرنسية والإنجليزية، حتى إذا ما أنهت المرحلة الثانوية، فاجأها والدها بنيته لابتعاثها إلى بريطانيا مع أخيها لمتابعة التعلم هناك. وهنا تتحدث الكاتبة عن مشاعرها المتضاربة ما بين الرغبة في طاعة أبيها والخوف من الغربة والابتعاد عن دفء الأسرة، خاصة في تلك الفترة الزمنية التي كان العالم فيها متباعدا، حيث لا أقمار صناعية تسهل وسائل الاتصال كما هو الحال الآن. وتصف السيدة لولوة طبيعة الحياة في لندن إبان تلك السنين الحديثة عهد بانتهاء الحرب العالمية الثانية التي أنهكت العالم، فتذكر كيف كانت الحياة في لندن متسمة بالتقشف والضيق، فقد كان كل شيء مقننا، تقول: «نأكل اللحم مرة بالشهر، وبيضة في الشهر لكل فرد، والزبد مرة في الشهر، كانت الظروف الاقتصادية خانقة داخل البلد (....) كانت الحياة شاقة بمعنى الكلمة، وكانت الفلوس نفسها، لو وجدت، لا قيمة لها فلا يتوافر شيء يمكنك شراؤه من الأسواق». تختم المؤلفة حديثها عن رحلة الابتعاث تلك بقولها: «كانت تجربة فريدة سفري للدراسة، تعودت منها على المسؤولية والقدرة على مواجهة الصعاب، والأهم الاعتماد على النفس والاستقلالية». قصة حياة السيدة لولوة القطامي، تؤكد أنه ليس فقط وراء كل رجل عظيم امرأة، وإنما أيضا وراء كل امرأة عظيمة رجل. أما إن خذل الحظ ولم تتوفر المرأة التي تقف وراء الرجل العظيم، أو الرجل الذي يقف وراء المرأة العظيمة، فإن ذلك ليس مبررا لليأس وفقد الأمل في الوصول إلى (العظمة)، فوراء كل إنسان عظيم تقف همة عظيمة. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة