عندما تذهب إلى الدور والكنائس في أوروبا كلها فلن تجد تزاحماً عليها بل خاوية وليس هناك أي انطباع بأن هناك دينا تأوي إليه نفوس القوم هناك ولا يمكن أن تذكر الناحية التعبدية عندهم أبداً بل بعيدون عن الدين والعبادة وأنا أتحدث من واقع معايشة ومعرفة تامة، ومع هذا فإن القوم هناك يذكرون بخير في موضوع حسن المعاملة والتعامل وضبط الحياة والاحترام وتقدير الإنسان، وفي بلاد الأمة الإسلامية تزدحم دور العبادة والمساجد بالمصلين ويتكاثر بناء المساجد يوماً بعد يوم لكن هناك «أنيميا» حادة في حسن المعاملة والتعامل وضبط الحياة والاحترام وتقدير الإنسان، فقلت في نفسي حقاً إن الدين عبادات ومعاملات، بل الآكد أن الدين معاملة كما ورد بذلك الحديث الصحيح حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «الدين المعاملة»، لأن مردود العبادة يكون للشخص نفسه بينما المعاملة هي رسول العلاقات بين البشر والعبادة شأن بين العبد وربه والمعاملة حقوق وواجبات بين الإنسان وزوجته والإنسان وأبنائه والإنسان ومجتمعه والإنسان ودولته والإنسان وأخيه الإنسان. إن ما اندرج من غياب رسول العلاقات على مستوى المجتمع يندرج على مستوى الأفراد، ومن تجربتي الشخصية وتجارب الكثير فإن بعضاً من الأفراد الذين تظهر عليهم ملامح التدين فإنهم يخيبون الظن في تعاملهم ومعاملاتهم، فطبيعي عند بعضهم أنه لا يدفع الحقوق التي عليه ويتهرب منها أو تكون معاملته لزوجته سيئة أو هو ممن يغلب عليه ضياع المواعيد وعدم الوفاء بالالتزام الذي عليه أو قطع الإشارة والسرعة عنده حاجة طبيعية أو تراه يتصرف مع والديه أو جيرانه تصرفات سيئة، إنها قائمة من الأمور تعرف بالسلوكيات (أخلاقيات التعامل) التي هي الخلطة السرية للعلاقات الناجحة. إن هذا لا يعني على الإطلاق بأن الدين أو العبادة ليس لها آثار إيجابية على حياة الفرد أو المجتمع أو بين الناس، لا الأمر ليس كذلك إنما السر في فهمنا لديننا ولعقيدتنا وعبادتنا، إن أعظم ما يمكن أن يكون له الأثر البالغ في حياة الناس هو القرآن الكريم وأحاديث النبي الكريم عليه السلام لكن كثيراً من الناس لم يتدبروا معانيها ولم يلتزموا بتوجيهاتها الأخلاقية والسلوكية وتكون هناك انتقائية للعبادة دون المعاملة وتنفيذ الجانب العبادي فقط، إن الله ليس بحاجة لأن يصوم العبد رمضان ثم هو يمارس الزور أو يتعامل بالأخلاق السيئة، كما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإن أعظم المنكرات سوء التعامل أو سوء التقاضي بين الناس «الكبر بطر الحق وغمط الناس» كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا كانت الأهمية البالغة بتبني مشروع للأخلاقيات والسلوكيات وهو ما جعل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله يتبنى كرسيا بجامعة الملك عبدالعزيز بعنوان «كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة