هزت الاحتجاجات غير المسبوقة في العالم العربي العلاقات المتينة التي تربط أجهزة المخابرات الأمريكية مع بعض الانظمة في المنطقة، خصوصا في مجال التصدي للإرهاب. ومع سقوط نظامي زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر والاحتجاجات الشديدة التي تعصف بنظام علي عبدالله صالح في اليمن، تجد اجهزة التجسس الامريكية صعوبة في التأقلم مع الواقع الجديد في العالم العربي، كما يقول مسؤولون أمريكيون وعملاء سابقون في المخابرات ومحللون.وقال العميل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بروسي ريدل «بديهي أن أول نتائج الثورات، هو انتهاء عدد كبير من العلاقات التي نسجناها على مر الزمن لمحاربة القاعدة والإرهابيين الذين هم على شاكلتها». لكن في الوقت الحالي ما يثير قلق المحللين اكثر هو اليمن. فنظام الرئيس علي عبد الله صالح يترنح ولا تتردد القاعدة في العمل على تأجيج الاحتجاجات ضده. وأوضح ريدل «في اليمن أجهزة المخابرات لم تعد تهتم كثيرا بأمر القاعدة. هي حاليا مشغولة ببقائها وبهوية رئيسها الجديد». ويضيف محذرا من أنه مهما يكن مصير النظام فإن القاعدة ستكون بلا شك بعد استقرار الوضع، أقوى. وتابع «إن ملاذهم سيكون على الأرجح أكبر وأكثر أمنا مع انتهاء كل ما يجري. وستكون الولاياتالمتحدة وأيضا أوروبا عندها تحت تهديد أكبر». وأقر مسؤول أمريكي طلب عدم كشف هويته، بأن القاعدة تستفيد من الاضطرابات التي تهز اليمن، بيد أنه أكد أن التعاون مع أجهزة المخابرات المحلية «لم يتوقف» منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس صالح. وعلاوة على ذلك أضاف المسؤول «إن أجهزة مكافحة الإرهاب لديها أيضا الأمكانيات للتحرك منفردة. يجب أن لا يعتقد أحد أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يرتهنون بالكامل للتعاون مع اجهزة اخرى في التصدي للقاعدة ومن معها». وكدليل على ذلك فإن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية شنت هجمات بواسطة طائرات بدون طيار في باكستان. ومهما يكن من أمر فإن الأحداث الجارية في الشرق الأوسط تدشن بداية عهد جديد بالنسبة للقوة الأمريكية في المنطقة، وستقلص النفوذ الذي كانت تملكه أجهزة المخابرات الأمريكية، بحسب مايكل ديش استاذ العلوم السياسية في جامعة نوتردام الكاثوليكية الاميركية. وأوضح ديش «سيتعين علينا رسم حدود نفوذنا» في المنطقة.