محافظة حبونا هي القلب النابض والشريان المغذي لجميع محافظات القطاع الشمالي في منطقة نجران، لتوسطها محافظات يدمه، ثار، وبدر الجنوب، وكونها أكبر محافظات المنطقة. ورغم أنها أشبه بالمدينة المتكاملة، إلا أن سكانها ما زالوا يتطلعون لافتتاح ما تبقى من فروع لبعض الدوائر الحكومية تكفيهم عناء السفر ومشقة الطريق إلى محافظات أخرى. وادي حبونا الذي تغنى به الشعراء يعد ثاني أكبر الأودية، بعد وادي نجران، يمتد نحو 185 كلم بدءا من وادي صحيان وحتى ينتهي مصبه في الربع الخالي، تنتشر على ضفافه 40 قرية وهجرة. «عكاظ» رصدت أبرز ما تعانيه المحافظة، وبين عدد من المواطنين أنه رغم تطور المحافظة إلا أنها لا تزال تعاني من تدني بعض الخدمات الضرورية. وفي هذا السياق، قال المواطن سالم عبيد «إن المحافظة تشهد تطورا ملحوظا في ظل وجود لمسات جيدة للبلدية، إلا أنه يعاب عليها سوء التخطيط في الشارع العام الذي أوشكت على الانتهاء منه بعد أن أزالت الطبقة الأسفلتية السابقة، واستبدلتها بطبقة أسفلتية جديدة لم تراع فيها إيجاد قنوات لتصريف السيول تنحدر في اتجاه الشارع العام، وكان من المفترض أن تراعي البلدية هذه الإشكالية التي عانينا منها طوال أعوام مضت». وأضاف عبيد أن أعمال الصرف الصحي لم ينته العمل منها، ما سيجبر الشركة المنفذة لمشروع الصرف الصحي على تكسير الطريق لعمل التمديدات الأرضية، وكان من المفترض اختيار الوقت المناسب لتنفيذ تغيير الطبقة الأسفلتية، وعدم تحويل تمديدات الضغط العالي المجاور لازدواج الشارع العام إلى تمديدات أرضية، لأن ذلك جعل الشارع العام مسرحا للحفريات بطريقة تشوهه. وفي السياق نفسه، قال سالم هادي «إن الشركة المنفذة للشارع العام لم يكن عملها في مستوى الطموح المطلوب، حيث إنها لم تنته من تنفيذ مشروع الشارع العام، إلا وظهرت عليه بعض الملاحظات الهندسية، وتقدمنا بشكوى إلى بلدية حبونا ضد هذه الشركة، ونطالب بإعادة النظر في هذا المقاول كي لا تسند له مشاريع أخرى في المحافظة أو في مواقع أخرى، وذلك منعا لاستنزاف الأموال الطائلة في مؤسسات وشركات لا تستحق الثقة». من جهته، أطلق المواطن فايز علي بني هميم، مسمى مدينة المطبات على المحافظة، وقال «أصبح كل مواطن يعمد إلى زرع مطب أسفلتي أو أسمنتي أمام منزله، وكأن الشارع أصبح ضمن ممتلكات منزله، دون أن يضع في اعتباره أن هذا مرفق خدمي لكل مواطن ومقيم، فلا يكلفه الأمر سوى دفع مبلغ زهيد للمقاول المختص بالسفلتة، وكما هو معروف للجميع أن المطبات الصناعية يجب ألا توضع إلا أمام المدارس والمساجد، على أن تنفذ بطرق هندسية، تحت إشراف لجان». أما علي ناصر البحري (سائق إسعاف في الهلال الأحمر)، فقال: تعاني الحالات الإسعافية من بطء النقل من وإلى المستشفيات لكثرة المطبات الصناعية التي شملت كافة شوارع المحافظة، حيث لا يخلو شارع فرعي ولا رئيسي من وجود تلك العوائق التي تؤخر وصول الحالات الحرجة، وكثيرا ما نسمع عن إزالة الكثير منها إلا أنها مع الأسف في تزايد. المحافظة بلا حدائق يضطر أهالي حبونا للتوجه إلى منطقة نجران للتنزه والبحث عن ألعاب لأطفالهم، بعد أن تهالكت الحديقة الوحيدة التي كانت عبارة عن عدد من المراجيح، وأصبحت تفتقد للصيانة والمتابعة من قبل بلدية المحافظة. وفي هذا السياق قال معدي هادي «هناك العديد من المواقع السياحية في المحافظة تتميز عن بقية محافظات المنطقة، لكن لم يلتفت إليها أحد، منها غابة الحبابه التي تعتبر ملاذا سياحيا للأهالي رغم افتقادها لكل ما يدل على أنها منتجع سياحي، فلا حدائق فيها ولا مرافق ولا ألعاب. وأستغرب تجاهل الجهات المعنية هذا الموقع المتميز، وكل ما نسمعه عن هذا الأمر هو أن هناك معارضة من الزراعة، فيما اكتفت البلدية والزراعة بمكاتبات خطية دون أن تصب في مصلحة المواطن». الصناعية وحلقة الخضار انتظرت المحافظة افتتاح الصناعية منذ زمن، رغم أنه حدد لها أكثر من موقع، البداية كانت في المدخل الشرقي، إلا أنه ألغي، وحدد موقع جديد في غابة الحبابة، وبعد الانتهاء من سفلتة وإنارة الموقع، انطلقت أصوات تنادي بتخصيص هذا الموقع كمخطط سكني، بحجة أنه غير مناسب بأن يكون منطقة صناعية، ما اضطر البلدية بالرفع إلى الجهات المعنية كي تفصل في الوضع. كما ينتظر الأهالي حلقة الخضار بفارغ الصبر، كون غالبيتهم يمتهنون النشاط الزراعي، واستغرق العمل فيها قرابة السنتين، وبعد الانتهاء من تجهيزها دخلت السنة الثالثة دون أن تفتتح البلدية هذا المشروع لاحتضان باعة الخضار والفواكه. على صعيد آخر، أعلنت البلدية قبل عدة سنوات عن وجود خمسة مخططات سكنية ستوزعها قريبا على الأهالي، وطال انتظارهم لها وما زالوا يترقبون صدورها، إلا أن التأخير في توزيعها أجبر الكثير من الأهالي على شراء الأراضي التي ارتفعت أسعارها بسرعة البرق، فالقطعة التي كانت تباع ب40 ألف ريال أصبحت بأكثر من 100 ألف. وطالب كل من عسكر محمد لسلوم، نايف مسفر، ومحمد جابر آل قريع، وزارة الشؤون البلدية والقروية، بالنظر في تأخر المنح السكنية، خصوصا مع رفع سقف القروض العقارية. حجج ومعاملات متوقفة تعاني محافظة حبونا كبقية محافظات المنطقة من ركود استخراج حجج الاستحكام للأراضي، وفصلها بين جماعات من أسر وقبائل تسعى لدرء أية مشكلات فيما بين الأسر والورثة. وقال كل من هادي مانع، سليم سالم، وعبدالله سمران «إن حجج الاستحكام ظلت حبيسة أدراج محكمة حبونا طوال السنين الماضية، حيث تعاقب العديد من القضاة على كرسي المحكمة دون أن يحصل المواطنون على صكوك على أملاكهم من المنازل والمزارع، وفي الوقت الراهن تكتفي محكمة حبونا بإنجاز الوكالات الشرعية والإفراغات، وعندما نراجعها بغية إصدار الحجج يبلغنا الشيخ بأن الحجج متوقفة، كما أن بعض المواطنين حصلوا على قروض عقارية مضت عليها قرابة السنتين في صندوق التنمية العقارية، وظلوا محتارين بين المحكمة وصندوق التنمية، حيث إنهم لن يستطيعوا البناء على أراض ليست مملوكة لهم بصكوك شرعية». وبين كل من محمد هادي آل قريع وعبدالهادي صالح، بأن المحافظة تحتاج إلى كتابة عدل تختص بإصدار الوكالات الشرعية، خصوصا مع زيادة عدد المراجعين من المحافظة والمحافظات المجاورة، ما يضطر البعض إلى الذهاب إلى منطقة نجران 150 كلم، ناهيك عن أن غالبية السكان من ذوي الدخل المحدود، وقد لا تتوافر لهم وسيلة مواصلات، مضيفا «أن إيجاد مكتب لكتابة العدل سيخفف الضغط على المحكمة الوحيدة في المحافظة التي يتجاوز عدد سكانها قرابة ال35000 نسمة حسب آخر الإحصائيات». النادي الرياضي لا يزال شباب حبونا يتطلعون إلى اعتماد ناديهم الرياضي، بعد مضي 30 عاما من مطالبتهم به، وخصص موقع له من قبل رعاية الشباب، وسوره شباب المحافظة بجهود شخصية، وأصبحوا ينظمون فيه دورات رياضية رمضانية على حسابهم الخاص وباجتهادات فردية. إلى ذلك، قال علي عوض «نتلقى وعودا من رعاية الشباب في المنطقة، بأن نادي حبونا ضمن الاثنى عشر ناديا التي ستعتمد قريبا، وفي العام الماضي اعتمدت رعاية الشباب خمسة أندية، وهذا يعني أن نادي حبونا من الأندية السبعة التي ستعتمد قريبا». وفي السياق نفسه، قال عبدالرحمن حسين «مللنا من الوعود، وتعاقبت أجيال باجتهادات شخصية في تسيير أمور النادي وما زلنا ننتظر، وحضرت عدة لجان من رعاية الشباب للمحافظات الأربع في القطاع الشمالي، وكانت حبونا هي الأنسب حسب رأي اللجنة، ولكن حتى هذا اليوم لم ير هذا النادي النور برغم وجود الموقع المناسب الذي أصبحنا نخشى عليه من تلاعب بعض ضعاف النفوس». كلية البنات ليس أمام أولياء الأمور سوى خيارين لمواصلة بناتهم دراستهن الجامعية، إما أن يرحلوا وأسرهم للإقامة قريبا من الجامعة أو الكلية، أو أن يتكبدوا وبناتهم عناء السفر اليومي بدءا من الرابعة فجرا وحتى الرابعة عصرا. وفي هذا السياق، يقول مسفر عبدالله «لدي أربع من البنات في جامعة نجران، وأضطر لدفع 500 ريال عن كل طالبة لمدة أربع سنوات، وقد تزيد». وفضل المواطن ناصر الهميمي بقاء ابنته في المنزل لسببين، الأول: حسب قوله، ضعف الإمكانيات، والثاني: الخوف عليها من وعورة الطريق المؤدي للمنطقة. الإشراف التربوي طالب عدد من المعلمين والمعلمات (فضلوا عدم ذكر أسمائهم) بتفعيل دور مكتب الإشراف للبنين، ومندوبية تعليم البنات، ما يخفف الضغط على إدارتي التعليم في المنطقة، حيث يبلغ عدد المدارس في القطاع قرابة 78 مدرسه ثانوية ومتوسطة وابتدائية للبنين، وكذلك نفس العدد للبنات. الجوازات سبعة أعوام مضت على اعتماد مكتب الجوازات في حبونا، وخصص موقع له في المحافظة، وحتى اليوم لم يفتح بحجة واهية: تنقصه شبكة الاتصال. وتساءل كثير من المواطنين والمراجعين عن طول تلك الفترة التي لم تتحرك فيها جهات الاختصاص لافتتاح المكتب. وأشار المواطن ظافر عبدالله إلى أن المحافظة أصبحت سوقا خصبة للأيدي العاملة من المتخلفين عن العمل والهاربين من كفلائهم، وقال «إنهم يتجمعون في الصباح الباكر في مقر تجمع العمال، يعملون في مهن السباكة والكهرباء». ويضيف أن هؤلاء العمال أصبحوا يعرفون أوقات حملات فرق الجوازات، فما إن تبدأ أية حملات إلا وينطلق العمال هاربين. الأحوال المدنية تساءل أهالي المحافظة عن تأخر افتتاح مكتب الأحوال المدنية في المحافظة، ويقول المواطن فاروق ناصر «حبونا أصبحت في حاجة لمكتب للأحوال المدنية خصوصا أن عدد سكانها يخولها لوجود مثل هذا المرفق الحكومي المهم، كما أنه سيخدم القطاع الشمالي بأكمله، ويخفف الضغط على موظفي مكتب نجران الوحيد، وسيفتح فرص العمل لدى شباب المنطقة». اختفاء المزارع برغم أن غالبية سكان المحافظة يمتهنون الزراعة، إلا أن نضوب الآبار وقلة المياه في الآبار الجوفية، أجبر المزارعين على التنحي والبعد عن مزاولة الزراعة، ففيما كانت حبونا تصدر جميع أنواع الحبوب والخضروات إلى جميع المناطق، أصبحت تستورد منتجاتها الزراعية من خارج المحافظة، ويرجع ذلك، حسب قول المزارعين ناجي حمد ومحمد علي، إلى افتقاد وادي حبونا للسدود لاستخدامها في حماية المياه الجوفية وتخزينها في بطون الأودية. وبين كل من سعيد بن ظافر وعبدالله جابر، أن وزارة المياه اعتمدت إنشاء سد وادي تريمة من أجل مصلحة أهالي المحافظة، إلا أن المصالح الشخصية لبعض المحسوبين على المحافظة أوقفت تنفيذ المشروع فور معارضتهم عليه. البيوت الطينية أصبحت البيوت الطينية أوكارا آمنة للعمالة المتخلفة وضعاف النفوس لارتكاب الجرائم، ففي الوقت الذي هجر الأهالي منازلهم الطينية القديمة، سكنتها العمالة الوافدة ومجهولو الهوية من مخالفي الإقامة بأبخس الأثمان، حيث ألقي القبض على عدد منهم يصنعون الخمور. الضغط العالي لا يكاد يخلو منزل من منازل أهالي شمال مخطط المحافظة من وجود حالة إصابة أو حالتين بالأمراض الخبيثة، وذلك لجود أعمدة الضغط العالي. ويقول المواطن فهد علي لسلوم «في كل عام يجتمع المجلس المحلي ويقرر تحويل تلك الأعمدة إلى تمديدات أرضية، ويظل التنفيذ حبراً على الورق بعيدا عن أرض الواقع، وقبل عدة أسابيع أزالت الجهات المعنية بعض تلك الأعمدة قبل زيارة أمير المنطقة لمحافظة حبونا، ولا يزال الشارع العام يزخر بالعديد من تلك الأعمدة». المستشفى العام ثمانية أعوام مضت على افتتاح مستشفى حبونا العام، ولا يزال يقدم خدمات صحية متواضعة، رغم رفع سعته السريرية إلى 100 سرير. تعاقب على المستشفى عدد من الكوادر الطبية الجيدة وغادروه إلى المستشفيات الكبرى في الرياض، فيما استمر هذا المستشفى في تحويل الحالات الطارئة إلى مستشفى الملك خالد في نجران، وذلك رغم توافر أجهزة طبية متقدمة فيه، ويرجع السبب لعدم وجود كوادر طبية تجيد العمل عليها، ما أدى إلى تكدسها في المستودعات. وفي جولة «عكاظ» داخل أروقة المستشفى اتضح أنه لا يزال يعمل على أسطوانات الأكسجين المتنقلة، رغم وجود التمديدات المجهزة داخل أقسامه، ويعمل في المختبرات تسعة من العاملين في هذا القسم، ما يجبر إدارة المستشفى على الاستغناء عن وجودهم في نهاية الدوام والاستعانة بهم وقت الحاجة، والوضع نفسه يتكرر للعاملين في الأشعة المقطعية. المشاريع المتعثرة اعتمد كثير من المشاريع للمحافظة إلا أن العديد منها متعطل ولم ينته العمل فيها، كما يقول عايض بني هميم «توقف المقاول عن تنفيذ مبنى المحافظة لأسباب لا ندري عنها»، فيما أشار محمد صالح علي، إلى أن مبنى البلدية الذي كان مقررا اكتماله خلال عام تجاوز المقاول الفترة المقررة بعام لينتهي العام الثاني دون اكتماله نهائيا. ويقول جابر هادي سمران «إن مبنى الهلال الأحمر الذي شهد عامه الرابع سمعنا أنه لن يستكمل بحجة أنه في مجرى السيل». السيول تعزل القرى ما زال يعاني أهالي قرى الحرشف، دوح، أبا الطحين، وكتنة من العزلة التامة عند هطول الأمطار وجريان السيول في أودية حلال، بطأ، وصيحان، ما يجبر الأهالي على المكوث لعدة أيام داخل منازلهم. وقال كل من صالح آل سويد، صادق سعيد، هادي مانع آل سليم، وصالح سالم «احتجزتنا السيول العام الماضي داخل منازلنا ثلاثة أيام، ما اضطرنا لطلب المساعدة وتوفير متطلبات الحياة اليومية». الدفاع المدني يعد مركز المجمع أحد أبرز وأقدم المراكز في المحافظة ولكنه دون مركز للدفاع المدني. ويقول محمد هادي آل بحري «المجمع منطقة زراعية تكثر فيها أشجار النخيل التي تتعرض للحرائق، ما يحتم ضرورة اعتماد مركز للدفاع المدني، خصوصا أن أقرب مركز دفاع مدني يمكن الوصول إليه خلال 30 دقيقة، وهي فترة كافية لإلحاق الخسائر بمزارعنا كلها». سوق الخميس تعد السوق الشعبية في مركز المجمع التي ينطلق كل خميس، متنفسا للأهالي من كافة محافظات المنطقة، يرتادونها للتسوق وشراء احتيجاتهم الضرورية، إلا أن وضعها الراهن لا يصلح لأن تكون واجهة للمحافظة فلا سفلتة نفذت له، ولا مواقف للسيارات والشاحنات التي تغلق الطريق، ولا دورات مياه ولا مسجد. انتشار السرقات في السابق كان العسس في شوارع المحافظة يمنعون تعرض المحال التجارية للسرقات الليلية، ولكن خلال الأعوام الماضية كانت نسبة السرقات أكثر مما سبق. وبين هادي صالح عبدالله، أن متجره تعرض لسرقة 28 ألف ريال، مضيفا أن افتقار المحافظة لرجال الدوريات والعسس جعل المحافظة مسرحا لجرائم السرقة من قبل المجهولين وضعاف النفوس.