تتبنى الأذرع الأمنية في المملكة مفهوم أن الاستراتيجية هي فن توزيع مختلف الوسائط العسكرية والاستراتيجية واستخدامها لتحقيق غاياتها الأمنية، إذ إن مفهوم الاستراتيجية الحديثة لا يعتمد على خطط هذه الأذرع فحسب، لكنه ينبني على نتائج هذه الخطط أيضا. والاستراتيجية المعاصرة، في جوهرها، علاقة بين القائمين عليها والوسائط والأغراض، وهي تكييف للوسائل المتاحة والموارد والإمكانات البشرية والمادية والمعنوية، واستخدامها لبلوغ الأهداف المرسومة. وهي بذلك علاقة بين الحاضر والمستقبل؛ لأنها تحدد المناهج والأدوات على ضوء رؤية مستقبلية، ويظل هذا المسعى ديدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية. وفي موقع صحراوي موغل لا تتوفر فيه مقومات الحياة العصرية، سطر رجال حرس الحدود ملاحم أمنية وفرضيات أثبتوا فيها قدرتهم الفائقة وكفاءتهم المهنية العالية في مواجهة أعقد التحديات الأمنية التي تواجهها حدود برية شاسعة ومعقدة جغرافيا كحدود المملكة. إطلالة الأمير وأطل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية عصر الثلاثاء على رجاله في حرس الحدود بمروحية تابعة لطيران الامن، أقلته وبمعيته قادة قطاعات قوى الأمن الداخلي من موقع وزارة الداخلية إلى جبل البرشاعة (شمال شرقي مدينة الرياض) ليقف بنفسه داعما وراعيا وموجها على فرضيات أمنية، أدهش فيها رجال حرس الحدود جمهور الحضور على مدى ساعتين متصلتين. هجوم مسلح واستقل الأمير محمد بن نايف ومرافقوه مركبات ذات دفع رباعي في موكب تتقدمه دوريات حرس الحدود متجها إلى موقع جبلي، حيث شهدت فرضية صد هجوم مسلح على نقطة رقابة حدودية. واستخدم المهاجمون قذائف (آر بي جي) وأسلحة رشاشة (عيار 50)، وقنابل دخانية، لكن رجال حرس الحدود تصدوا لهم بقوة وبسالة. وتهدف هذه الفرضية إلى تأهيل رجال حرس الحدود في مجال تخصصاتهم للتعامل مع المواقف التي قد تواجههم في حياتهم العملية. اعتراض مخربين وتمثلت الفرضية الثانية في اعتراض دوريات حرس الحدود دخول عدد من السيارات من مواقع مختلفة على الحدود، حيث افترض وجود بعض التنظيمات المسلحة في دولة مجاورة للمملكة، مدربة على القتال في المناطق الجبلية للقيام بأعمال إرهابية أو تخريبية ضد المملكة، واعتماد تلك التنظيمات على تهريب المخدرات والأسلحة ومادة القات كمصادر التمويل المالي لنشاطها الإجرامي، وغياب السيطرة الأمنية على الحدود في الدولة المجاورة. وبينت الفرضية أن تكثيف الدوريات واستخدام الكاميرات الحرارية جعل فرص التهريب ضئيلة. تتبع الأثر وأثناء سيره راجلا من موقع الفرضيات، توقف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية لمشاهدة أنموذج لخندق يتحصن فيه رجال حرس الحدود أثناء تأدية واجبهم. وشاهد تطبيقات عملية لوسائل وطرق تتبع الأثر وكشفه في أسلوب عملياتي يحاكي الواقع الميداني في مناطق الحدود. ومن ثم انتقل الأمير ومرافقوه إلى ميدان العمليات الخاصة بحرس الحدود، حيث طبقت مجموعات من قوة أمن الحدود الخاصة عروضا متنوعة؛ شملت مهارات رماية التأسيس لمجموعة الاقتحام، وهي مهارات تدل على ثقة الرامي بنفسه وتزيد من دقة الرماية في مواجهة العدو، أظهر فيها الرماة مهارات فائقة في الرماية الأمامية والخلفية والجانبية والحرة ومدى تجانسهم وتوافقهم في التصويب نحو الهدف وإصابته. تخليص محتجزين وصعد الأمير محمد بن نايف ترافقه «عكاظ» إلى موقع افتراضي لمركز حدودي، شاهد بداخله مهارات قوة أمن الحدود الخاصة في عملية تحرير لمحتجزين، إذ استخدمت القوة الذخيرة الحية في تنفيذ عمليات الاقتحام والتحرير، أبلى فيها أفراد القوة بلاء حسنا نالت استحسان الجميع. وعند مغادرة الأمير محمد بن نايف الموقع الافتراضي، ظهر أحد أفراد القوة الذين نفذوا عملية الاقتحام دون مشاركته لإصابته بكسر في اليد خلال البروفات التي كان يؤديها المشاركون قبل يوم من المناسبة. وكان تواقا للسلام على مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الذي لاطفه بعبارات أبوية تنم عن مكارم أخلاقه. تتويج البواسل وقبل حلول صلاة المغرب ب 40 دقيقة، كان الأمير محمد بن نايف معتليا المنصة ليتوج 578 خريجا قبل توجههم لميادين العمل عند حدود المملكة الشاسعة إلى جانب زملائهم الذين سبقوهم إلى ساحات الشرف والبطولة والدفاع عن مملكة الأمن والسلام، وبعدما أدت ثلة من فرقة موسيقى حرس الحدود السلام الملكي، أخذ الأمير محمد مكانه في منصة التتويج محاطا برجاله وإخوانه قادة قطاعات قوى الأمن الداخلي. عهد وولاء واستعرض الخريجون أمام الأمير محمد والحضور مهارات الرماية والدفاع عن النفس. بعدها ألقى المدير العام لحرس الحدود اللواء الركن زميم بن جويبر السواط كلمة حمد فيها الله على عودة خادم الحرمين الشريفين إلى الوطن سالما معافى، ومعبرا عن: «مشاعر الفرح لتلك اللحظات التي أثبت فيها الشعب السعودي ولاءه وإباءه ووفاءه بالعهد، مغلقا سمعه عن كل أولئك الذين يحاولون إيقاظ الفتنة ونشر الفرقة والعبث بمسلمات لا يمكن المساومة عليها، متسلحا بالإيمان الصادق، مدركا بأن الوحدة الوطنية ليست محلا للمزايدات ولا مجالا للاجتهادات، بل تقتضي السمع والطاعة لولاة الأمر، والتعاون في حفظ الأمن وسلامة المكتسبات الوطنية». وأضاف: «مما زاد رجال الأمن شرفا عبارات الثناء التي خصهم بها خادم الحرمين الشريفين، فكانت وساما على صدورهم يعتزون به، وتاجا على رؤوسهم يتباهون به وسيظلون كما عهدهم ولاة الأمر، على العهد باقون وبالوفاء صادقون وهم اليد الضاربة على من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره». وكرم الأمير محمد بن نايف خريجي الدورات والمتفوقين منهم بعدما أدوا القسم أمامه، في حين كان الأمير يربت على كتف كل واحد منهم، متمنيا لهم التوفيق والسداد وهم يتأهبون إلى التوجه إلى ميادين العمل والدفاع عن أمن الوطن واستقراره وسلامته. مشاعر الأمير وقبيل مغادرة مساعد وزير الداخلية جبل البرشاعة اقتربت «عكاظ» منه مهنئة إياه على ما قدمه رجال حرس الحدود من فرضيات متنوعة أثبتوا فيها قدرتهم العالية في مواجهة الصعاب والتحديات، وعلى البسالة التي أظهروها خلال تلك الفرضيات، فما كان منه الا أن رد قائلا: «إن ما شاهدنا من رجال حرس الحدود لأمر يبيض الوجه». وقد بدت عليه ملامح الغبطة والارتياح كعادته عندما يكون إلى جانب رجال الأمن كافة في الميدان.