• لو لم يحقق الفن التشكيلي من بين أهدافه الجمة إلا التذكير لكفاه شموخا بما حفلت به مرحلة زمنية سابقة من تراث أصيل تفرد ببلورته شهود تلك المرحلة في كل جانب من جوانب الحياة عامة، وفي الجوانب التي ظلت بمثابة بصمة خاصة بإبداعات ومبدعي المرحلة على وجه التحديد، وحين تتعاقب السنون على تلك المرحلة يكون شهودها ومنجزو موروثها البديع في عداد الموتى، كما أن ذلك التراث الذي تجلى بإبهاره وامتاز بتفرده ومدى ما يعكسه من مهارة وإتقان وملكات فنية فطرية فاقت لدى النسبة العظمى ما هو مكتسب في مراحل زمنية متقدمة وخاصة في حرفيات الفن المعماري الأصيل، مما يجعل من هذا التراث شاهدا على حضارة يزهو بها تاريخ الوطن على مستوى الأمم. أقول بأن ذلك التراث بمعالمه وشواهده يحمل له المعاصرون زخما من الذكريات الدفينة عاشوها أو تعايشوا معها أو شاركوا في تفاصيلها منذ المراحل المبكرة من أعمارهم، فإذا لم يحط ذلك التراث بالمحافظة والحماية من التلف والعبث والهدر، أضحى بكل أسف وأسى في «خبر كان» في أو أقتاتته المشاريع الحديثة بؤاد مجحف وكارثي بحق آثار وتراث تاريخي يعنى بحضارة مجتمع ووطن. إذا ما كان قدر ذلك التراث على النحو المذكور، وقيض الله من يسخر موهبته الفنية في تقديم توثيق أمين وغيور وهادف يستحضر بعمق الاستشعار ونضج الموهبة جانبا من تراث الآباء والأجداد من خلال الفرشاة والألوان وتوظيفها بزمام الموهبة وتطويعها في محاكاة تراث عريق بأدق تفاصيله وأبعاده فتأتي المحصلة مواكبة لكل هذه المعطيات ودافعها القوي وهدفها النبيل في أعمال فنية بديعة تكتنز ذلك الماضي بكل أصالته وعبقه وامتزاج البساطة بالفن في «بيوتاته».. • ومثل هذه الأعمال الفنية التوثيقية لها دورها المهم الذي لا يقتصر على تعريف الأجيال بتراث الأجداد. بل يضاف إليه ذلك الأثر والتأثير البالغ في نفوس المعاصرين لذلك الماضي وتراثه وتفاصيله الحميمية، وذلك ما اختلج من ذكريات الطفولة لدى الأستاذ وليد قطان مدير عام مؤسسة عكاظ خلال افتتاحه الأسبوع الماضي لمعرض «رباعيات» للفنان التشكيلي زهير مليباري الذي عبر بلوحاته عن حارات مكة القديمة وتراثها الأصيل، فكانت تلك المشاعر الإنسانية محصلة لما أبدعه فنان متمكن من أعمال جسدت الماضي بإتقان فاستثارت الحنين بأمانة .. والله من وراء القصد. • تأمل: مضت الصورة، وتجلى معناها. فاكس: 6923348 للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 124 مسافة ثم الرسالة