فيما تجددت أمس حالة الشغب في دار فتيات مكةالمكرمة للمطالبة بتغيير الإدارة وإعفاء مديرة الدار من منصبها التي تقدمت باستقالتها رسميا إلى جمعية أم القرى الخيرية، تبدأ اليوم لجنتا تحقيق من الشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان تقصي الحقائق في الأحداث الأخيرة. ويتوقع أن تشمل التحقيقات المسؤولات في جمعية أم القرى النسائية وإدارة بيت الطفل والعاملات فيه والفتيات النزيلات. وعلمت «عكاظ» أن مجموعة من الفتيات قذفن رئيسة الجمعية بالأحذية، وأطلقن عليها عبارات نابية لكنها تمكنت وعضوات المجلس من إعادة الهدوء للفتيات. ورفضت رئيسة جمعية أم القرى الخيرية النسائية الدكتورة هانم ياركندي الخوض في تفاصيل ما حدث، معتبرة الوضع الراهن «مستقرا ويشهد توافق 90 فتاة وطفلا مع العاملات في البيت، معتبرة استقالة مديرة بيت الطفل نتيجة لظروفها الصحية والزوجية». وأوضحت هانم ياركندي أن مديرة بيت الطفل تقدمت في الفترة الأخيرة بإجازات رسمية ومرضية واضطرارية نظرا لزواجها، ومن ثم حملها وما نتج عنه من حالة مرضية، الأمر الذي دفعها لتقديم استقالتها رسميا للجمعية. وبينت رئيسة جمعية أم القرى أنه تم تعيين مديرة جديدة للدار. من جهتها، أكدت ل «عكاظ» مديرة بيت الطفل ربا المفلحي تقديمها استقالتها من إدارة بيت الطفل رغما عنها نتيجة الضغوط التي تعرضت لها، وما شهده بيت الطفل من فوضى خلال الفترة الماضية. وقالت ربا المفلحي «لم أذق طعم النوم ليلة وقوع الحادثة خوفا من تعرض الفتيات اللاتي غادرن بيت الطفل لمكروه لا قدر الله»، مؤكدة ضرورة الحفاظ على حقوق اليتامى، وعدم تشويه سمعتهم خاصة وأن الفتيات في بيت الطفل على خلق عال، وملتزمات بأنظمة الدار ولم يصدر عنهن أي تصرفات خارجة عن حدود الأدب طوال فترة عملهم الممتدة منذ أربعة أعوام. وبرأت مديرة دار الطفل المستقيلة العاملات والفتيات النزيلات من الفوضى، بالقول «أنا والعاملات والفتيات نعيش في الدار أسرة واحدة». وأضافت «لو أعلم أن حديثي عن ما شهده بيت الطفل من فوضى سيحقق نتائج تعود بالفائدة للفتيات لكشفت عنها، لكنني أخشى أن يؤثر حديثي على نفسيات الأيتام دون أن يحقق النتائج المرجوة، لذا أفضل الصمت عن الكلام لحين انتهاء التحقيقات». ورصدت «عكاظ» ردود فعل نزيلات بيت الطفل في مكةالمكرمة، وأنهن تعرضن لضغوطات نفسية في الأيام الماضية، الأمر الذي نتج عنه خروج بعضهن من البيت أمس الأول الساعة الثامنة مساء، حيث تمكنت عدد من الفتيات من إقناع بعض زميلاتهن في العودة قبل الخروج عبر سور المبنى. وأوضحت الفتيات أن بداية المشكلة كانت عند تغيير نائبة مديرة البيت، ولحق هذا القرار عدة قرارات من تغيير أمهاتهن الحاضنات، الأمر الذي أصبح يؤرق مضجعهن، إضافة إلى استقالة مديرتهن. وأكدت الفتيات أن الضغوطات التي حصلت للمديرة المستقيلة من قبل رئيس جمعية أم القرى كان لها الأثر البالغ في تقديمها لاستقالتها، خاصة وأنهن واثقات بأن المديرة المستقيلة لا تريد تركهن، وأن ما حصل لها هو ناتج عن تلك الضغوطات التي وصفوها بمعارضة الجمعية لجميع ما تقوم به من تلبيات احتياجات الفتيات. وأبانت الفتيات أن حالة من البكاء والصراخ و الانطوائية عمت معظم البنات بعد سماعهن خبر الاستقالة، والبعض عبر عن غضبه بترك البيت، فيما حاول البعض منهن اتخاذ موقف الكبار واحتواء أخواتهن الصغار. وأردفت الفتيات «قبل عدة أشهر كان هناك زوار لبيت الطفل من ضيوف الرحمن من الذكور، حيث أفادت رئيسة جمعية أم القرى أنه مسموح الزيارة في الضرورة وغير مسموح لزوار حجاج بيت الله لعدم إعطاء صورة للزوار غير مناسبة لبيت الطفل وخاصة أنهم أطفال غير شرعيين وليس من الداعي التفاخر بهم خارجيا حيث إن كلامنا موثق في اجتماع حضرته 14 موظفة من بيت الطفل». و طالبات الفتيات بضرورة حضور لجنة نسائية من عدة جهات حكومية وكذلك لجنة من حقوق الإنسان للوقوف على معاناتهن والاستماع إلى شكواهن ولا يتم الاستناد فقط على حديث رئيسة جمعية أم القرى. بدوره، أكد عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان معتوق الشريف أنه تلقى البارحة عددا من الاتصالات من الفتيات يبلغنه أنهن تركن بيت الطفل اليتيم الذي يحتضنهن واتجهن إلى المبيت خارجه، مضيفا «الفتيات أبلغنني رفعهن برقية إلى وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين تتضمن 12 نقطة يعتبرنها عنفا وإجحافا في حقهن». وأضاف «من خلال المحادثات الهاتفية مع الفتيات أوضحن أن السبب فيما حدث كان بسبب اعتراضهن على اللجنة التي شكلتها الشؤون الاجتماعية في المنطقة بناء على توجيه الوزير للاطلاع على الوضع والتي ضمت عددا من المسؤولات في الجمعية اللاتي شكونهن للوزير». وبين الشريف أنه تم التواصل مع أعضاء الجمعية في مكتب العاصمة المقدسة من أجل الاطلاع عن كثب على القضية، ومن المتوقع أن يبدأ الباحثات الاجتماعيات في المكتب تقصي الحقائق اليوم. وأكد عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أهمية مراعاة حقوق الأيتام والاستماع إليهم وتقديرهم «لاسيما ونحن نعيش الاحتفال بيوم اليتيم الذي يكرس الاهتمام بحقوقهم ويشعرهم بوجودهم في المجتمع».