اختلف أكاديمي وكاتب حول دور النخب في توعية الناس بخطورة الفتن والأزمات التي تمر من حولنا، حيث يرى عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود في الأحساء الدكتور عبداللطيف الحسين أن النخب وقادة الرأي العام من علماء ودعاة وخطباء ومثقفين قاموا بدورا لا بأس به، لكن يحتاج أكثر إلى تبصير وتجلية أعمق، مشددا على أن أهل العلم مسؤوليتهم كبيرة والأمانة متعلقة بهم في إيضاح الفتن وكشفها. أما الكاتب والباحث محمد المحمود فإنه يرى أن النخب لم تقم بذلك الدور الكبير، بل إن دورها كان نسبيا وكان من وجهة نظرها، مضيفا «هذه النخب تناولت الأحداث وفق متطلبات الفكرة التي تناضل من أجلها، أي أن كل مثقف أو داعية أو إعلامي تناول الأحداث من خلال الزاوية التي يرى أن العائد الإيجابي على المجتمع يتحقق من خلالها». وزاد المحمود «أما من حيث قدرة هذه النخب على التوعية فأنا ضد مفهوم التوعية أصلا، فالمجتمعات اليوم لا تخضع لمؤثر واحد، وليست هي غائبة أو مغيبة حتى تحتاج لتوعية». وأكد المحمود على أن المجتمعات اليوم تعيش لحظة تصادم الأفكار وصراع المفاهيم، مشددا على أن المأمول قبل كل شيء قراءة الواقع وفهم ما يجري كما هو حقيقة وليس كما نتمنى أن يكون. وهنا يرى الدكتور عبداللطيف الحسين أن التعامل مع الفتن والأزمات يحتاج إلى العلماء المشهود لهم بسعة العلم ودقة المعرفة وسلوك الورع ومعرفة الواقع ومقاصد الشريعة، مؤكدا على أن العلماء هم أقدر الناس على توضيح الأمور الشائكة والنوازل المستجدة، مشيرا إلى أن ذلك كله لا يكون إلا بالتعاون مع ولاة أمور المسلمين فيما يخدم المصالح الكبرى للأمة. وحول التعامل مع وسائل الإعلام المهيجة للناس اتفق الحسين والمحمود على أن التعامل لا يكون إلا بخلق إعلام صادق وهادف وموضوعي يقدم البدائل الموازية مهنيا وفكريا، حيث قال الدكتور عبداللطيف الحسين «لا يكون تحجيم وسائل الإعلام المهيجة إلا من خلال إيجاد إعلام هادف وصادق، ينبري فيه الإعلاميون المحترفون الصادقون، والعلماء والدعاة والأساتذة وغيرهم في توجيه المجتمع نحو الخير والنماء والعطاء بدلا من الاستسلام والتهييج نحو الفساد والضلال»، وهو ما أكد عليه محمد المحمود بقوله «مقاومة الإعلام المهيج لا يكون إلا بتقديم البدائل الموازية مهنيا وفكريا والرؤى المركبة التي تتضمن رؤية غير تقليدية للمستقبل». وعلل مطالبته بذلك بسبب سأم الجمهور للركود، ورغبته في تغيير نتيجة يأس من الواقع. وأضاف المحمود «يبقى أن التغييرات الجذرية التي تحدث في الواقع، والتي تتجه نحو الانفتاح والإصلاح، هي التي تواجه شعارات الإعلام ، ولا يمكن بحال الدخول مع هذه الوسائل الإعلامية في سلسلة هجائيات متبادلة». وشدد المحمود على الجماهير التي تأثرت بتلك الوسائل المهيجة وكانت تعيش واقعا مؤلما من الظلم والقهر وسلب الحقوق في البلاد العربية بعكس واقعنا، مشيرا إلى أنه لم يكن دور هذه الوسائل أكثر من محرض فقط، وإنما ألقت عود الثقاب على البنزين، ولو ألقت على الماء لما اشتعل.