يصعب الحكم على أداء المحطات الإذاعية الجديدة باعتبارها لم تأخذ الوقت الكافي بعد لتحديد ملامحها ومضمونها، ولم تزل برأيي تراوح في خانة البث التجريبي وتدريب الكوادر، ولذلك لا تأخذنا الدهشة حينما نصعق بكارثة انقطاع أو لغة أو عدم التزام بهوية المحطة على الأثير بشكل مباشر. الجانب الواضح منذ لحظة انطلاق المحطات هو اشتراكها في قالب «الأغاني» كعنصر رئيسي في خارطة بثهم، وهذه تمثل وفقا لقراءتي «حيلة العاجز» التي لا تطرح بثا نوعيا وإنما هم أشبه بحاطب الليل الذي يجمع لإذكاء ناره كل المتوفر أمامه دون فرز وتمييز للحطب من الورق، وهي عملية يمكن أن يبادر إليها بكل سهولة أي فرد هاوٍ للإنترنت، بحجز مساحة إذاعية على الشبكة والتحميل من مواقع الأغاني المتعددة ثم إعادة بثها من جديد، والفرق الوحيد بينه وبينهم هو امتلاكهم للرخصة الإذاعية!، مع معرفة أن اعتبار «الأغاني» عامودا فقريا لتلك الإذاعات نوع من المجازفة المنفرة، في ظل التقنيات الحديثة التي تجاوزت شريط الكاسيت إلى حاملات آلاف المقاطع بحجم الجيب، ولذلك تبرز قيمة المادة المختلفة بين تلك الإذاعات. الإذاعة التي كانت واضحة في تقديم نفسها هي «U FM»، التي باشرت تناول أحداث الوسط الرياضي، وهو جانب يبرز حرفة الاختيار وبالتالي استقطاب الشريحة المستهدفة بشكل واضح، على النقيض تماما من الإذاعات الأخرى ذات الإطار العام التي لم تعرف حتى اللحظة من تخاطب، وغياب مفردة «التخصص» عنها التي أصبحت لغة وسائل الإعلام هذه الفترة. القضية التي كانت واضحة من لحظة الإعلان الرسمي عن تلك الإذاعات كانت في عموميتها، ولذلك افتقدنا إلى الصوت المتخصص أو استهداف الشرائح المحددة، الجانب الإخباري أو الاقتصادي أو مخاطبة الشريحة «المحافظة»... وغيرها لم يحظ باهتمام مباشر ضمن الفتح الإذاعي الجديد الكاسر للاحتكار، في مقابل التكرار الواضح لأسلوب: صوت إذاعي وإهداءات واستقبال اتصالات وبين أغنية تترى أغنية أخرى، نعم قد تكون الميزة الوحيدة الظاهرة هي استقطاب الشباب والفتيات وفتح المجال لإبداعاتهم، إلا أن مناخ الإبداع تشوبه ضبابية مضمون تلك المحطات. الجانب الأكثر إزعاجا هو جرأة تلك الإذاعات على لغتنا العربية الفصحى، لا أمانع في تداول لهجتنا المحلية أو اللهجة البيضاء، لكن عند الشروع في الفصحى لايمكن قبول التجاوز بأي حال، لأنها «فضيحة» لو كان الأمر بيدك لحذفت الإذاعة بمن فيها من الأثير، وأطلقت رثاء حافظ إبراهيم: أرى كل يوم «بالإذاعة» مزلقا *** من القبر يدنيني بغير أناة، ورأيت «سيبويه» وقد علق مشنقته!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة