تحت وطأة الضغط المتزايد في الشارع، قدم الرئيس اليمني الخميس مبادرة يتخلى بموجبها عن صلاحيات الرئاسة لصالح نظام برلماني دون مغادرته السلطة قبل نهاية ولايته في 2013، لكن المعارضة المطالبة برحيله سارعت إلى رفض المبادرة «المتأخرة». وقدم الرئيس علي عبدالله صالح أربع نقاط لحل الأزمة في بلاده تتضمن الاستفتاء على دستور جديد للبلاد قبل نهاية السنة والانتقال إلى نظام برلماني تتمتع بموجبه حكومة منتخبة برلمانيا بكافة الصلاحيات التنفيذية. وأكد صالح تعهده بحماية جميع المتظاهرين المعارضين والمؤيدين له، مشيرا إلى أن مبادرته يقدمها «كبراءة ذمة» أمام الشعب اليمني، وقال إنه متأكد أن المعارضة المطالبة برحيله سترفضها. وبالفعل، سارعت المعارضة إلى رفض المبادرة واعتبارها متأخرة. وقال صالح أمام عشرات الآلاف من أنصاره في صنعاء إن مبادرته «تستوعب كافة التطورات التي يشهدها الوطن»، وهي تنص خصوصا على «تشكيل لجنة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية لإعداد دستور جديد يقوم بالفصل بين السلطات وبحيث يستفتى عليه في نهاية هذا العام 2011». وتنص المبادرة أيضا على «الانتقال إلى النظام البرلماني بحيث تنتقل كافة الصلاحيات التنفيذية إلى الحكومة المنتخبة برلمانيا بنهاية 2011 بداية 2012، وتنتقل كل الصلاحيات إلى الحكومة البرلمانية». وقال صالح إنه «متأكد سلفا أن هذه المبادرة الجديدة ستضاف إلى المبادرات السابقة ولن تلقى القبول من أحزاب المعارضة، لكن هذه براءة ذمة إلى الشعب اليمني العظيم مالك السلطة ومصدرها وهو الفيصل في اتخاذ القرار». وتنص مبادرة صالح أيضا على «تطوير نظام حكم محلي كامل الصلاحيات على أساس لا مركزية مالية وإدارية» وعلى «إنشاء الأقاليم اليمنية على ضوء المعايير الجغرافية الاقتصادية». كما يقترح صالح «تشكيل حكومة اتفاق وطني تقوم بالإعداد للانتخابات بما في ذلك (باعتماد) القائمة النسبية» و«تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء». من جهتها، قالت المعارضة البرلمانية المنضوية تحت لواء اللقاء المشترك إن المبادرة أتت متأخرة وهي «إعلان وفاة» للنظام الذي يطالب محتجون في سائر أنحاء البلاد بسقوطه. وقال محمد الصبري القيادي في أحزاب اللقاء المشترك المطالب برحيل صالح إن «مبادرة الرئيس صالح تجاوزها الواقع اليمني». واعتبر الصبري أن هذه المبادرة «هي بمثابة شهادة إعلان وفاة للنظام السياسي في اليمن الذي يطالب المحتجون برحيله». ومقترحات مبادرة الرئيس اليمني ليست جديدة بمعظمها، فمسألة الانتقال إلى نظام برلماني، وهي مطلب للمعارضة، سبق أن طرحت في مباحثات إطارية سابقة للحوار بين المعارضة والحزب الحاكم، إضافة إلى مسالة تعزيز اللا مركزية الاقتصادية والإدارية. إلا أن مسألة إنشاء أقاليم في البلاد تمثل مقترحا جديدا خصوصا أن البلاد تشهد حركة انفصالية في الجنوب تطالب بالعودة إلى دولة اليمن الجنوبي التي كانت مستقلة حتى العام 1990. في الوقت ذاته يواصل المحتجون اعتصامهم في ساحات التغيير معلنين في بيان عن ارتفاع جرحى الاعتداء الذي تعرضوا له في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء إلى قتيل و103 جرحى. وكشفت اللجنة الطبية الخاصة بالمحتجين بساحة الحرية في جامعة صنعاء عن ارتفاع عدد جرحى هجوم ليلة الأربعاء إلى 103 محتجين. في غضون ذلك تعرض منزل البرلماني عبدالإله القاضي الذي يعد أحد أقارب الرئيس لإطلاق نار من قبل سيارة عسكرية أسفرت عن إصابة شقيقه وأحد المرافقين الأمنيين. وقال مصدر مقرب إن القاضي كان قد أعلن استقالته من الحزب الحاكم في وقت مبكر وأنه أثناء وصوله إلى المنزل جرى تبادلا لإطلاق النار، غير أن مصدر أمني أشار إلى أن سيارة القاضي لم تتوقف وتمت مطاردتها وقد أصيب أحد رجال الأمن أثناء المطاردة، مبينا بأنه حينما اتضح أن السيارة تابعة للبرلماني الذي يتمتع بحصانة تم التوقف عن المطارة.