دعا عدد من المختصين في الشؤون المالية المتعاملين في السوق إلى عدم الارتهان في قراراتهم الاستثمارية إلى العامل النفسي المتثمل في انعكاسات الأجواء الإقليمية على السوق. وقالوا ل«عكاظ» إن السوق لديها محفزات كثيرة يمكنها أن تحافظ على استقرارها في الوقت الراهن، في ظل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وتحسن أرباح الشركات وقرب موعد التوزيعات النقدية على المساهمين. في البداية، راهن الدكتور علي دقاق المستشار الاقتصادي على عودة المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية إلى المنطقة التاريخية والمحددة عند مستويات 4076 نقطة نزولا، التي انطلق منها في 3/3/2009 م، ولكنه استبعد العودة إليها في الوقت الراهن. وبرر وجهة نظره بحدوث تراجعات مقبلة، بعدم فحص المنطقة التاريخية بشكل كاف من قبل السوق، وذلك عندما ارتدت منها إلى أعلى بأحجام سيولة وكمية تداول ضعيفة وهو ما يعد أقل من متطلبات تلك المستويات. وأرجع الدقاق أسباب هبوط السوق في الفترة الحالية إلى البيع الاستثماري في كثير من الأسهم، موضحا أن القرار الذي اتخذ من قبل السيولة هو قرار اقتصادي، لكنه على خلفية التوترات السياسية وانتشار الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، التي سوف تنعكس إيجابيا على السوق في حال زوالها. ويرى أن عملية البيع الاستثماري في اليومين الأخيرين يصاحبها هروب جماعي من صغار المتداولين، معتقدا أنها حالة صحية في مثل هذه الظروف، خصوصا أن السوق قريبة من قيمتها الحقيقية، وتزداد الإيجابية لو تم اختبار منطقة عام 2009م ولكن ليس الآن، وإنما في وقت لاحق. وقال نائب رئيس شركة الأول محمد الوزير إن المسالة لا تتجاوز حالة الهلع والخوف من تأثير الأسواق الأخرى على السوق السعودية. وأضاف أن البيئة الحالية ينبغي ألا تدعم مثل هذه السلبية، خصوصا مع الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وتحسن أرباح الشركات وقرب موعد التوزيعات النقدية على المساهمين، وهي محفزات إيجابية لم تستخدمها ولم تستفد منها السوق حتى الآن، موضحا انعكاس المردود الإيجابي للقرارات الأخيرة على المدى البعيد، كإضافة وليس إيقاف خسائر لرأسمال شركة أو لوجود عجز في رأسمال صندوق، وإنما سوف تزيد من تدعيم مشاريع البنية التحتية. ويعتقد الوزير أن سوق الأسهم سوف تعود إلى حالتها الطبيعية متى ما استوعبت الأحداث، خصوصا أنها تلقت محفزات داخلية أغلبها عن طريق النشاط العقاري الذي بطبعه يتسم الاستثمار فيه بالبطء، ويحتاج إلى أكثر من عام، ومثال ذلك عندما يريد المواطن بناء مسكن فإن مدة التنفيذ تتجاوز العام. وقال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش الخبير الاقتصادي، إن السوق خرجت عن إطار التحليل الفني، والتحليل الجوهري، وتتحكم في مسارها حاليا أخبار انتشار الاضطرابات، التي هي الأخرى لا نرى بصيص أمل في انتهائها، فلذلك من الخطأ أن يتم الشراء في أسواق المال التي تنفرد عن الأسواق الأخرى بارتفاع حساسيتها من الأخبار السلبية والأكثر مخاطرة. وأضاف أن كثيرا من المستثمرين يحرصون على الاحتفاظ بالسيولة أكثر من الأسهم، ويتوقع أن تذهب تلك السيولة في حال استمرار الأوضاع الراهنة إلى الشراء في الملاذات الآمنة مثل المعادن وفي مقدمتها الذهب، وربما تذهب إلى أبعد من خلال الشراء في صناديق السندات العالمية. ويرى أبو داهش أن المسالة تنطبق على أسواق المال في المنطقة العربية وليس في السوق المحلية فحسب، ولم ينصح أبو داهش بالشراء في أغلب الأسواق وفي مقدمتها السوق العقارية حتى تتضح الصورة بشكل أكثر. أما الدكتور سالم باعجاجة فقال إن النتائج المالية التي أعلنتها الشركات السعودية المساهمة لعام 2010م أظهرت أرباحا بالغة 78 مليار ريال، مقارنة ب58 مليار ريال بنهاية عام 2009م بنسبة نمو 34 في المائة. معنى ذلك أن شركاتنا المساهمة تحقق نموا سريعا في أرباحها وهي بذلك جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء. ولكن الأحداث والتوترات السياسية والقلق النفسي لها دور كبير في انخفاض السوق، كما لا ننسى دور المضاربين الذين يتصيدون الفرص المواتية لهذه الأحداث، ويمارسون البيع المكثف لأسهم شركات قيادية تحقق نموا وارتفاعا لأرباحها، فالسوق السعودية فيها الكثير من الجوانب الإيجابية للمستثمرين بدءا من الاستقرار الذي تنعم به المملكة والأمان، إضافة إلى قوة الاقتصاد السعودي. ودعا هيئة سوق المال إلى توعية المضاربين والمستثمرين بالمحافظة على استقرار السوق واتباع سياسة الاستثمار وليست سياسة المضاربة العشوائية، حيث إن الاستثمار طويل الأجل يحقق عوائد جيدة للمستثمرين خاصة في ظل التراجعات المستمرة للأسواق العالمية بسبب الأزمات المالية والسياسية، كما نهيب بهيئة سوق المال فتح المجال للمستثمرين الأجانب من الخارج مباشرة دون الدخول في اتفاقات المبادلة. ونادى المستثمرون في سوق الأسهم محمد الغامدي، عبد الله باواكد، وناصر أحمد المسؤولين في هيئة السوق المالية بالخروج وتطمين المتعاملين الذين يمرون بحاله نفسية صعبة، وهم يرون تراجع أسعار أسهمهم وبالذات التي تم الاكتتاب عليها وهي تقف حاليا على أسعار أقل من نصف سعر الاكتتاب، ويرون أن دفع الصناديق الحكومية بالشراء في مثل هذه الظروف خطوة إيجابية، سواء لتلك الصناديق أو للسوق بشكل عام، خصوصا وأنه توجد لديها فوائض نقدية، وتم تحديد بعض الأهداف الأساسية من تأسيسها في الاستثمار في الأصول الرأسمالية الناجحة ومنها سوق الأسهم.