شهدت مكةالمكرمة أخيرا أمسية تأبينية للشاعر الراحل محمد الثبيتي، وتوشحت الأمسية بقصائد وإبداعات «سيد البيد»، بحضور عدد من الشعراء والمثقفين في مقهى هافانا في العاصمة المقدسة. الأمسية التي أشرف عليها فرع جمعية الثقافة والفنون في منطقة الباحة وأعد فقراتها، بدأت بتقديم مقتضب من قبل مدير الأمسية محمد آل ناجم، ثم ألقى مدير جمعية الثقافة والفنون في الباحة الشاعر علي البيضاني كلمة شكر وترحيب ضمنها قصيدة شعرية على طرق العرضة الجنوبية احتفاء بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن. الدكتور علي الرباعي قدم ورقة عمل حول تجربة الشاعر الكبير محمد الثبيتي، وعبر عن حزنه العميق بعد رحيل الثبيتي، معللا ذلك بأن رحيل الشاعر الرمز أحدث فراغا كبيرا، وتحدث الرباعي عن العلاقة التبادلية التي أقامها الثبيتي مع اللغة وقدرته الاستثنائية على التقاط اللحظة الشعرية، وهو بذلك يعتبره أنموذجا لاحترامه للغة وإخلاصة للتجربة الشعرية التي كانت محملة بالتأويلات التي تتكئ على بعد فلسفي. الكاتب محمد بن ربيع ارتجل كلمة تحدث فيها عن المقهى الثقافي في الباحة، وعن علاقة الباحة وسكانها بالسفر إلى الطائف، الذي كان يعتبر قديما عالما آخر يخلق الدهشة لدى زوارها القادمين من القرى، وذكر بعض المقاهي الشعبية التي كان يعبرها المسافرون كمحطات واستراحات تحوي العديد من المفارقات. من جانبه، قرأ الدكتور جمعان عبدالكريم الغامدي ورقة نقدية عن الموروث الشعبي في الباحة وعلاقة الشعبي بالفصحى، وأبرز ورقة تتضمن معاهدة حلف بين قبيلتي غامد والثبتة يعود تأريخها إلى 1260ه، وعرج على بعض رموز الأدب الحديث في المنطقة مثل الدميني والعشماوي والمشري، واستشهد بعدها الشاعر البيضاني بقصيدة مغناة على لون الشقر الذي يقال عادة في فن العرضة الجنوبية. الشاعر غرم الله الصقاعي تحدث عن تجربة الثبيتي المتفردة وعن أبوته الشعرية، وذكر أنه سبق أن رفض مشاركة الثبيتي في أمسية شعرية في جازان، معللا ذلك باحترامه لتجربة الثبيتي العظيمة، ثم ألقى قصيدة (قال لي سيد البيد..)، وكان هناك تناص واضح مع تجربة الثبيتي التي ذكر أنه قد تشربها روحيا وشعريا. المنسق الإعلامي في المقهى خالد قماش تداخل مع الدكتور الغامدي حول تعريف الشعر واستشهد بقول درويش في مفهوم الشعر، وذكر أن شعر الشقر الجنوبي الذي يقابله فن الزهيريات في العراق والزجل في بلاد الشام يتقاطع بشكل أو بآخر من القصائد الفصحوية، والتي تعتمد على فن الجناس في بناء النص، ولعل قصيدة سيد البيد (موقف الرمال موقف الجناس) تعتبر مثالا حيا على ذلك. واختتم الملتقى بلعب جنوبي شارك فيه كل رواد المقهى، وإهداء لوحة تشكيلية تحوي إحدى روائع الثبيتي قدمت من قبل الفنان التشكيلي عبدالله الدهري لأسرة الثبيتي، وقد استلمها ابنا الراحل نزار ويوسف اللذان حضرا الملتقى. الأمسية نقلت على الهواء مباشرة عبر شبكة الإنترنت من خلال موقع المقهى على صفحة الفيسبوك، وقد تابعها الكثير من المهتمين والمتابعين في الشأن الثقافي.