في أدبيات الإدارة الحديثة، يعني مفهوم الصراع عملية الخلاف أو النزاع التي تتكون كرد فعل لممارسة ضغط كبير من جانب فرد معين أو مجموعة أفراد، أو منظمة على فرد آخر أو مجموعة أفراد، سواء من داخل ميدان العمل أو في ميدان مجتمعي آخر وذلك بهدف إحداث تغيير في بنية أو معايير العمل، أو قيم الفرد، أو المجموعة، أو المنظمة. والصراع يحدث في المواقف التي تتطلب أداء أنشطة وأعمال غير متوافقة، أي تلك المواقف التي يمكن أن يؤدي تصرف أحد العاملين إلى الأضرار بالأنشطة الوظيفية للآخرين والتدخل معها، أو تعارضها، بما يفضي إلى انخفاض المردود من تلك الأعمال والأنشطة. بمعنى، إن الصراع هو النشاط الذي يقوم به شخص بغية إفساد جهود شخص آخر، بواسطة شكل من أشكال الإعاقة التي يمكن أن تؤدي إلى إحباط الشخص، وتتسبب في عدم تمكنه من تحقيق أهدافه أو مصالحه، كما يمكن تعريف الصراع بأنه إرباك وتعطيل للعمل ولوسائل اتخاذ القرار. والسؤال هنا، هل تنامي ظاهر الصراع الوظيفي في المؤسسات والأجهزة الخدمية تعد ظاهرة طبيعية، ومماثلة لما يحدث في المجتمعات الأخرى، أم تعد تعطيلا للأعمال والمشاريع والمبادرات وتنعكس سلبا على الأداء الوظيفي، ومعدل الرضى للجمهور العام؟ فالأصل هو الانسجام بين كافة أعضاء المنظمة أو المؤسسة (خاصة الحكومية منها) وقد يكون التنافس مطلبا رئيسا لكافة الوحدات والقيادات، ولكن عندما يتحول التنافس إلى صراع؛ فإنه بلا شك يستنزف طاقات المؤسسة، ويشتت جهودها، ويستدرج القائمين عليها إلى معارك جانبية، تنعكس سلبا على صورتها الداخلية، وبين قطاعات الجمهور الخارجي. والصراع ينشأ أحيانا بسبب شعور بعض العاملين بالغبن الوظيفي، أو ارتفاع شهوة الهيمنة والاستئثار لبعض الوحدات الإدارية أو القيادات، وأحيانا يكون بسبب تضارب المصالح، أو تصادم الشرائح الإدارية (الشلليات) خاصة في ظل غياب التشريعات واللوائح التي تحفظ الحقوق الوظيفية لكافة أعضاء المنظومة الإدارية. ويبدو أن أبرز محركات الصراع الوظيفي في الأجهزة والمؤسسات، غياب أنظمة المساءلة والشفافية والمحاسبة، وبروز معايير ما تحت وطنية، تغيب العدالة الوظيفية ومبدأ تكافؤ الفرص، وقاعدة الثواب والعقاب. فترتفع هنا الصراعات بين الأفراد والإدارات والمؤسسات، وينتقل السخط من الجمهور الداخلي إلى الجمهور الخارجي، ويترهل الأداء العام، وتتراجع قيم الولاء الوظيفي، وأخلاقيات المهنة، فتحدث الاختراقات الكبرى في المنظومة الإدارية. وإذا كان من المتعذر تفادي الصراعات في المؤسسات والأجهزة، فإن المصلحة العليا تتطلب تخفيض حجم خسائره، فالأساس هنا، هو تقديم المصالح الوطنية الكبرى، على دائرة المصالح الوظيفية أو الشخصية، فالأمور تقاس بالأداء الكلي، بمعنى، البحث عن سياسات حديثة، تتفق والمتغيرات الحادثة في المجتمع. وهذا يتطلب وجود مشروع محدد الأهداف وواضح المعالم، وإتاحة الفرصة للتنافس في هذا المعترك بما يخدم المصلحة العامة أولا، ووفق معايير ثابتة ومقاييس موضوعية، يمكن قياسها وتقييمها وطنيا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة