رغم الدعم المالي الكبير لميزانيات المؤسسات والأجهزة الحكومية، يلاحظ أن بعض المؤسسات الخدمية تشهد جمودا في الأداء، وتراجعا في الفاعلية، وانحسارا في التواصل مع الجمهور، مما ينعكس سلبا على صورة المنظومة الإدارية بأسرها، ويعكس صورة سلبية لدى الرأي العام السعودي عن الأداء العام، بشكل لايتفق وحجم الاستثمار الوطني، وما يفترض أن نكون عليه من تدرج طبيعي نحو التطوير والتحديث. فالحماس والدعم المالي، لا يكفيان لإحداث التغيير والتحول الإيجابي في أداء المؤسسات الخدمية ومخرجاتها، خاصة في هذه المرحلة، مرحلة البناء والتطوير، التي تتطلب ضخ دماء جديدة، وكفاءات قادرة ومؤهلة على التفاعل مع متطلبات التطوير، فبعض مؤسساتنا وصلت إلى مرحلة من الترهل والبيروقراطية والمركزية، أصبحت معها غير قادرة على مواكبة متطلبات التغيير والتطوير، بسبب ضعف الأداء المؤسسي، وغياب محفزات التغيير، بل ومحركاته الرئيسية. فالترهل الإداري يضرب المنظومات الإدارية، لأسباب عدة، بعضها بنيوي هيكلي، والبعض الآخر لأسباب إدارية وفنية وتشريعية، وبعضها بسبب الانغلاق الإداري، وغياب التغيير، فالجمود يؤدي إلى تراجع أداء القيادات، خاصة التنفيذية منها، لا سيما مع غياب برامج تنشيط الأداء ومراقبة العمل الحكومي، وتقييم الرضى الخدمي عن أداء المؤسسات الحكومية، عبر هيئات مستقلة أساسها المواطن. ما يعني ضرورة أن يتصدر التطوير الإداري، وهو مهمة وطنية استراتيجية، أولويات العمل الحكومي، في مختلف المؤسسات وعلى كافة المستويات، حتى لا تتراكم الخسائر الاقتصادية والمجتمعية، بسبب البيروقراطية الإدارية وضعف الرقابة، بالمعنى الإداري والمحاسبي. وهنا تبرز الحاجة إلى أهمية إيجاد هيئة مستقلة معنية بتنشيط الأداء الحكومي، ومراقبة الأداء الخدمي، بعيدا عن الأجهزة الحكومية ووفق مقاييس حديثة. مع أهمية إدارك صعوبة تطوير الأداء الحكومي، دون صياغة جديدة لنظام الخدمة المدنية، تستوعب متطلبات المرحلة، مرحلة التغيير والتطوير، مرحلة استثمار القدرات الوطنية، واعتماد المواطن ركيزة أساسية في التنمية الإدارية، فجميعنا مسؤولون عن صناعة مستقبل زاهر لهذا الوطن. [email protected] نقلا عن عكاظ