مع أن البعض يتخوف من انتشار الكتاب الإلكتروني على الكتاب المطبوع، إلا أن المثقفين طمأنوا المشتغلين بالكتاب بأن «الإلكتروني» لن يستطيع إزاحة «الورقي» من الساحة، ودليل ذلك كما يوضحون ازدياد انتشار طباعة الكتاب في أنحاء العالم، حتى المتقدم منه تقنيا. فقد أوضح الباحث والأكاديمي الدكتور عزت خطاب أن الكتاب يظل هو الكتاب، والدليل على ذلك أن أعداد الكتب في ازدياد في الدول التي سبقتنا في وسائل التقنية الحديثة، مبينا أن هذا يدل على أن الكتاب الركيزة الأساسية في نشر المعرفة وتلقيها، ومعارض الكتاب الدولية تشهد بذلك، وتلك المعارض تعنى أيضا بالكتب الإلكترونية إلا أن حجم المبيعات ينصب على الكتاب الورقي. أما الكاتب الدكتور علي التواتي فيقول: إن الكتاب الورقي يبقى متسيدا لأنه الأخف حملا ولا يتطلب وجود أجهزة لقراءته، والبديل يكلف تقريبا نفس تكاليف الورقي، وبالتالي تصبح مسألة اقتناء الكتاب الورقي أو الإلكتروني مسألة ذوق وإمكانيات، وهذا في دول أمريكا وأوروبا التي تطبق قوانين الحماية الفكرية، أما في دول العالم الثالث التي لا تتشدد في قوانين الحماية الفكرية، فإن الكتاب الإلكتروني يمكن أن يزيح الكتاب الورقي، لأن الحصول عليه مجانا من الإنترنت كما يحدث في كافة الكتب العربية المهمة. ويؤكد الناقد الدكتور عالي القرشي أن معارض الكتاب وجدت حضورا للكتاب الإلكتروني، حيث تعرض دور النشر الكثير من المراجع والكتب في حاويات رقمية، ولكن ما نشاهده في تلك المعارض من بحث الزائرين على الكتاب الورقي، يدل على أنه مازال في دائرة اهتمام القارئ. لكن الباحث والكاتب الدكتور يوسف العارف، فيشير إلى أن معارض الكتاب في كثير من العواصم العربية اعتنت بالكتاب الإلكتروني، ولها قراؤها وجمهورها خاصة من الشباب من خلال الحاسوب، أما الكتاب الورقي فيتميز بسهولة الرجوع إليه والحفظ في المكتبة والإهداءات، ولذلك أنا مع الكتاب الورقي، وأغلب المثقفين وأنا منهم مكتباتنا مليئة بالكتب الورقية أكثر بكثير من الكتب الإلكترونية. ويوضح الشاعر والكاتب الصحافي إبراهيم مفتاح أن الكتاب الورقي سيظل محتفظا بإمبراطوريته من عدة منطلقات؛ وما يسمى ب «النشر» له دوره الفاعل وتميزه وتفرده لإثراء القارئ بالمعلومة التي يطلبها، وعلى الجانب الآخر فإن النشر الإلكتروني في متناول الجميع، فمن جانب ليس باستطاعة القراء التعامل مع الأجهزة الإلكترونية، ومن جانب آخر فإن الكتاب الورقي سهل الاصطحاب والتعامل، وهي ميزة لا تستطيع أدوات النشر الأخرى توفيرها. ويرى القاص محمد علي قدس أن الكتاب المطبوع سيد الموقف، حيث إن الكثير من المثقفين والمبدعين الذين لهم اهتمام دائم بالقراءة يجدون في اقتناء الكتب المتعة، وهناك حميمية قائمة بين الكتاب وعاشق القراءة، ومع ذلك فإن النشر الإلكتروني بدأ يأخذ مساحته في عالمنا الحاضر، في ظل انتشار التقنية والعولمة الثقافية، إلا أن الفئة الأكبر لا زالت تفضل عدم التعامل مع الكلمة والمقال والأدب المنشور إلكترونيا.