كل شيء صار يشتعل من حولنا. آخر شعارات المصريين صار «عايزين نعيش زي مخاليق ربنا»، وهذه العبارة ليست كلمة يقولها مواطن مصري والسلام ولكنها عبارة من صناعة نحو أربعين في المائة من الشعب المصري الكادح في الحقول والمصانع والشوارع وفي البطالة ليل نهار. ذات مرة لخص الشاعر أحمد فؤاد نجم مواجع الملايين قائلا «احنا انوجعنا وما اشتكينا»، وما بعد هذه الجملة الشعرية ومن قبل أيضا، يروي الشاعر أحمد نجم كيف تهاوت أحلام الطبقة الوسطى في مصر، فقد كان يروي من خلال قصيدة قصيرة كيف تهاوت الطبقة الوسطى الكادحة شظية وراء أخرى في المزارع والمصانع ولاحقا كيف صارت الشوارع مسكونة بالخوف لدرجة أن الكوابيس صارت تحاصر الغلابا وهم في المضاجع رقودا متعبين. لكن من عجائب الزمان أن الوضع لا يبقى في مكان على ما هو عليه، فقد صارت الطبقة الوسطى تكرر نفسها في أكثر من محطة وفي أكثر من حادثة مرورا بجغرافيا تعج كبريات المدن فيها بهرج ومرج ثقيل. هو ذا الحصاد المر يأتي مترعا تحت مسميات أولها الياسمين وآخرها الغضب متبوعا بالخلاص. لا أحد كان يتوقع انتقال شبح الطبقة الوسطى فجأة إلى أغنى دولة عربية في أفريقيا. هاج الناس وماجت الشوارع وأحرق الناس مراكز الشرطة بقدر ما استطاعوا الوصول إليها وكذلك أحرقوا مبنى المحكمة العليا وتلك هي المشكلة. لن يكون هناك محكمة عليا وسوف يكون هناك فراغ أمني والفراغ الأمني للأسف الشديد إما يكون نعيما أو جحيما. في مصر كانت الخسائر محدودة برغم اتساع درجة الفراغ ولكن من يضمن إفرازات هذا الفراغ لدى أمة عربية أخرى في بلاد أخرى. اللهم أجرنا من جحيم الدنيا والآخرة، فقد رأينا بالكاد جانبا من جحيم الدنيا من خلال شاشات التلفزة ممثلا في السطو والحرائق والفوضى وعدم الإحساس بالأمان، وأما جحيم الآخرة، فهو آت.. آت لا محالة، ولن يكون هناك تسويف ولا تأخير ولسوف تمتلئ جهنم أناسا وجنا كثيرين أيضا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة