ليس ثمة شيء أسوأ من أن تبدأ صباحك بالبعوض، حتى في يوم العشاق تجد عشرات الرسائل التي يتأوه أصحابها فتظن أنهم أصيبوا بسهام الحب ولكن ما إن تفتح الرسالة حتى تكتشف أنهم ضحايا لدغات البعوض الذي طاب له المقام في جدة وتعددت سلالاته حتى أصبحنا بحاجة إلى عالم أنساب يشرح لنا أصل وفصل كل بعوضة!. أغلب البعوض الذي ينشر الأوبئة الفتاكة في جدة من خارج نظامنا البيئي، أي أنه مخالف لنظام الإقامة وما كان له أن يكون موجودا لولا التدمير المبرمج للبيئة الذي تسببت فيه السياسة المتخبطة للعديد من الجهات وفي طليعتها بالطبع أمانة جدة التي كانت وراء تكاثر المستنقعات، وفي المستنقعات توالد البعوض وحين انتشرت حمى الضنك تم تحويل الملف إلى القطاع الصحي (فتم لهط الميزانية المليارية جهارا نهارا).. وحين أصبح البعوض ملء السمع والبصر لم يكن ثمة حل أسهل من رش المبيدات بشكل عشوائي حتى تلفت صدور الناس وتورمت عيون الأطفال فأصبح الرجل يلقى صديقه في المستشفى فيسأله: (سلامات .. بعوضة؟!) فيرد الآخر: (لا والله .. مبيد!). كان بعض أصحاب الرسائل يطالبون برش المبيدات بعد أن فتكت بهم لدغات البعوض وكان البعض الآخر يطالب بتوقف حملات الرش المجنونة في بعض الأحياء بعد أن اختنق الأطفال بالمبيدات، وهكذا (شيل البعوض .. حط البعوض إلى ما لا نهاية)، وقبل أيام أرسل لي الأخ محمد علي الشهري وهو فني طب وقائي يقيم خارج مدينة جدة حلا عجيبا ورخيصا لمشكلة تكاثر البعوض في المستنقعات ويطلب مني إيصاله إلى المسؤولين في مكافحة البعوض ويتمثل هذا الحل في نشر فتات الفلين الأبيض في المستنقعات الذي يمنع توالد البعوض ويمكن التخلص منه بسهولة. ولأن معلوماتي عن هذا الموضوع أصغر من فتاتة فلين فقد اتصلت بصديقنا وحبيبنا حامي حمى البيئة في جدة الدكتور علي عشقي وسألته عن موضوع البعوض والمستنقعات والرش فكاد الرجل أن يخرج من الجوال لشدة غضبه مما يحدث، فقلت له: (تكفى يا دكتور هدي أعصابك واشرح لي الموضوع)، فقال لي إن المستنقعات التي نشأت حديثا هي أمر خارج نظامنا البيئي لذلك استفحل أمر البعوض، ولكن سنة الله في خلقه أنه وضع لكل داء دواء والطيور الصغيرة تتغذى على الحشرات ومن بينها البعوض، ولكن العبث البيئي في جدة بدأ أساسا بالتكاثر المخيف للغربان التي التهمت هذه الطيور الصغيرة، وهكذا أصبح البعوض يحظى بالرعاية الشاملة حيث وفرت له الأمانة سبل العيش الكريم عن طريق المستنقعات كما وفرت له الحماية الأمنية عن طريق الغربان، والحل في نظر الدكتور عشقي هو في جلب أعداد كبيرة من هذه الطيور إلى جدة وإعادة توطينها كي تكافح انتشار البعوض بشرط القضاء على الغربان أولا كي لا تصبح هذه الطيور وجبة دسمة للغربان (وكأنك يا بو زيد ماغزيت)!. كنت أتحدث مع الدكتور علي عشقي وأنا أتصفح الرسائل المتعلقة بموضوع البعوض في أحياء جدة المختلفة وفجأة وجدت نفسي أمام رسالة من قارئ تحتوي صورا لجبل من الزبالة التي كومها العمال حديثا أمام بناية سكنية لا يبعد أكثر من كيلو متر واحد عن أمانة جدة فسألته على حين غرة: (وهل لأكوام الزبالة أثر في هذا الموضوع يا دكتور؟)، فعاد إلى ثورته الغاضبة: (طبعا يا خلف .. وإلا من فين تتغذى الغربان؟ .. وزيد عليها الجرذان!). بعوض .. مستنقعات .. غربان .. مبيدات .. جرذان .. أكوام زبالة .. كل فلانتاين وأنتم بخير!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة