طالب مختصون بيئيون أمانة جدة بتغيير المبيدات المستخدمة في الرش الضبابي لمكافحة البعوض، بين فترة وأخرى، من أجل مواجهة البعوض المسبب لحمى الضنك، مع توقعات الوسط الطبي بزيادة عدد حالات الإصابات، بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها جدة قبل أسبوعين، مشيرين إلى أن استخدام نفس المبيد لفترات طويلة، يكسب البعوض مناعة كبيرة، وبالتالي لا يتأثر نهائيا من الرش الضبابي. وأكدوا ل «عكاظ» ضرورة معالجة كل مصادر التلوث الماثلة في كثير من الأحياء نتيجة الأمطار، معتبرين ذلك مشكلة بيئية خصبة للقطط وتوالد الحشرات والذباب. حمى الضنك يرى الأستاذ المشارك تخصص كائنات دقيقة في كلية علوم البحار الدكتور محمد سعيد علي مدرس، أن الرش الضبابي لا يعتبر الحل الوحيد في القضاء على البعوض، خصوصا بعوض (الإيدس إيجبتاي) الناقل لحمى الضنك أو لأمراض أخرى. وأضاف «ما زالت المستنقعات التي تكونت بفعل الأمطار تزيد من تفاقم الوضع البيئي في معظم الأحياء، كونها ما زالت مستمرة في شكل بحيرات أو مياه راكدة شكلت بيئة للبعوض والحشرات الدقيقة. ونفى مدرس المعلومة التي ترددها الأمانة بأن البعوض لا يعيش في المياه الآسنة أي مياه الصرف، وقال «هذا خطأ لأن البعوض يعيش دائما في الطبقات الأولى وهي أقل من السنتيمتر، وتعيش بيضة البعوض في المياه المتكورة وتنمو، وقد يصاب البعوض بالمناعة إذا كان الرش غير كافِ أو مستمرا، لافتا إلى أن الرش الضبابي يقضي على الطور البالغ من البعوض، ولا يقضي على بيض البعوض المترسب في الطبقات الأولى من المياه الراكدة أو الطين المبتل وبمجرد نزول الأمطار تستمر العملية. وتساءل مدرس عن تصريحات المسؤولين في الأمانة عن دور الشركات المختصين العالميين في القضاء على الضنك المستوطن بطرق حديثة، مبينا أنه لم تتم الإشارة إلى النتائج. وشدد على ضرورة إعداد بحث علمي مدعوم للقضاء على الضنك بطريقة جذرية منظمة، مع استمرار كل أوجه المكافحة من قبل الأمانة للقضاء على كل بؤر البعوض. رش المبيدات واعتبر أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور علي عشقي، أن عملية رش المبيدات لا تقاومه إلا الحشرة البالغة التي تكتسب مع الوقت مناعة، وقال «من المفروض ألا نستهدف فقط هذا الطور البالغ من الحشرة التي لها أربعة أطوار من اليرقة والبيضة ليسهل مقاومتها، لا سيما أنها موجودة في المستنقع المائي وبعد ذلك تنتشر البعوضة. وأضاف أنه في الماضي كانت سماء جدة مليئة بطيور صغيرة مثل العصافير تتغذى على الحشرات وبالذات البعوض، ولما دخلت الغربان عام 1979م عن طريق السفن التجارية التهمت هذه الطيور، معتبرا انقراض تلك الطيور من الأسباب المهمة في زيادة الحشرات والبعوض، خصوصا البعوض المسبب لحمى الضنك. وطالب عشقي بإعادة توطين تلك الطيور الصغيرة للقضاء على البعوض في جدة، بعد التأكد من القضاء نهائيا على الغربان، مشيرا إلى أن هذا يعرف ب (التحكم الحيوي). عشقي أكد أن المبيدات لها تأثيرات صحية خطيرة على الإنسان، وتسبب أمراضا صدرية وتنفسية وغيرها، مبينا أن الوقاية خير من العلاج، داعيا إلى ردم المستنقعات في جميع أحياء جدة، وإلا سوف يزداد البعوض في الربيع، وتنتشر حمى الضنك وغيرها من الأمراض الوبائية، مع ضرورة أن تكون لدينا بنية تحتية سليمة لمعالجة مشكلات الصرف الصحي بالطرق التي تتبعها دول العالم. إجراءات احترازية وأكد مدير التوعية والإعلام البيئي في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدكتور نايف صالح الشلهوب، أن إنهاء مشكلة الضنك أو الحد منها، تبدأ من خلال معالجة كل أوجه التلوث الذي يساعد على توفير بيئة مناسبة للبعوض، لافتا إلى أن المستنقعات والمياه الراكدة تجذب البعوض، خصوصا البعوض المدلل (الإيدس إيجبتاي) الذي يتواجد في المياه بشكل لافت للنظر. وأضاف «رغم أن المبيدات المستخدمة في الرش الضبابي تعتبر فعالة، إلا أن هناك مخاوف من أن يكتسب البعوض مناعة بعد فترات طويلة في حالة استمرار كل أوجه البيئات التي تحتضنه، لا سيما البؤر والمستنقعات، وهذا ما يدعو الى ضرورة تغيير المبيد بين فترة وأخرى. الشلهوب أكد أن الوقاية من لدغات البعوض تبدأ من وعي الفرد بتجنب كل أماكن البعوض، ومن خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية، ومنها وجود الشبك الذي يمنع دخوله في المنازل، والأجهزة التي تقتل البعوض، ومعالجة المستنقعات.