تشكل تجمعات المياه في معظم أحياء جدة، التي شهدت أخيرا موجة سيول وهطول أمطار، بيئة خصبة لتكاثر البعوض المسبب الرئيسي لأمراض حمى الضنك والملاريا وحمى الوادي المتصدع. وبعد أن نشرت «عكاظ» أخيرا تحذيرات طبية من انتقال مرض حمى الضنك، ازدادت مخاوف أهالي الأحياء من عودة مرض الملاريا في الوقت الذي تشير فيه السجلات الإحصائية للمرض انخفاضه وانحصاره في مدن المملكة، إلا أن وجود البيئة الخصبة من مياه الأمطار والسيول يهدد بعودة نشاط البعوضة المسببة للملاريا. التوالد والتكاثر استشاري مكافحة العدوى في صحة جدة الدكتور محمد عبد الرحمن حلواني يلاحظ «أن خطورة وجود بقايا مياه السيول والأمطار تكمن في قدرة البعوض على التوالد والتكاثر، حيث إن البعوض يبحث دائما عن بيئة خصبة ورطبة حتى يتمكن من التعايش مع البيئة». ويشير حلواني إلى أن «أهم الأمراض التي تنتشر بواسطة البعوض هي حمى الضنك والملاريا التي تنقل العدوى من المريض الذي يحمل في دمه طفيل الملاريا إلى الإنسان السليم بواسطة أنواع خاصة من البعوض المسمى (الأنوفوليس) التي تتغذى بدم الإنسان»، موضحا «أن الظروف التي تؤدي إلى انتشار الملاريا وجود طقس رطب يناسب توالد البعوض، إضافة إلى تواجد المياه الراكدة كالمستنقعات والأمطار، وكان القدماء يعتقدون أن الملاريا ينقلها هواء المستنقعات، لهذا كان الإنجليز يسمونها حمى المستنقعات، والعرب يطلقون عليها البرداء؛ لأنها تسبب الرعشة الشديدة». ويؤكد حلواني «أن الوقاية من لدغة الملاريا تكون من خلال ردم المستنقعات ومعالجة مياه الأمطار الراكدة، ورش الأحياء بالمبيدات، والتخلص من النفايات، خصوصا العلب والصفائح الفارغة التي قد يتكاثر بها البعوض إذا تراكم الماء فيها، والابتعاد عن أماكن المياه الراكدة والمستنقعات والأودية التي يتكاثر فيها البعوض، وتجنب التعرض للبعوض باستعمال الناموسية عند النوم أو المركبات الطاردة للحشرات والبعوض برش المنازل بالمبيدات الحشرية ووضع شبكة من السلك الواقي على النوافذ وأبواب المنازل». التقلبات المناخية ويؤيد إخصائي طب الأطفال الدكتور نصر الدين الشريف من صحة جدة كلام حلواني، ويؤكد «أن التقلبات المناخية تشكل عاملا رئيسيا في إيجاد بيئة مناسبة لتوالد وتكاثر البعوض، خصوصا مع موجة الأمطار الأخيرة وكارثة السيول التي أدت إلى حدوث مستنقعات وتجمعات مائية في داخل الأحياء وهو ما يهدد البيئة بانتشار الأمراض». ويلفت إلى أن «الملاريا من أهم الأمراض المنقولة بالنواقل التي تتأثر بالتغيرات المناخية مثل هطول الأمطار والتغيرات في درجات الحرارة والرطوبة، وفترة حضانة مرض الملاريا هي الفترة التي تمتد من وقت لسعة البعوضة حتى ظهور الأعراض على الشخص وتتراوح هذه الفترة بين 10 إلى 15 يوما». وينبه الشريف جميع الآباء والأمهات بعدم السماح للأطفال باللعب في المياه الراكدة أو المستنقعات، «فالأطفال أكثر عرضة للدغة البعوض، كما أن تأثير المرض يبدو واضحا أكثر عند الأطفال لضعف المناعة». وعن علاج الملاريا، يشير الشريف إلى «أن العلاج يتوقف على تقدير الطبيب في اختيار الدواء المناسب، وفي إدخال المريض إلى المستشفى من عدمه حسب شدة الحالة ونوع الطفيلي، واعتبارات أخرى يقدرها الطبيب».