أجمع عدد من الأكاديميات والمتخصصات، على ضرورة أن يكون للمرأة صوت مسموع في مجلس الشورى، بتعيينها عضوة متفرغة مثل الرجل، وبنفس الشروط مع محافظتها على خصوصيتها، دون أن تكون مشاركتها صورية وثانوية كمستشارة غير متفرغة، وأكدن في ندوة «عكاظ» بعنوان (دور ومشاركة المرأة في مجلس الشورى) أن مشاركة المرأة السعودية في المجلس كعضوة فاعلة، تجسد دورها الفاعل في تنمية المجتمع والاهتمام بقضاياه، وشددن على ضرورة دراسة قضايا المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، وطالبن بتفعيل الدور الرقابي للمجلس على أرض الواقع، ومساءلة الجهات المعنية بالتقصير في قضايا حماية المستهلك والكوارث وارتفاع معدل البطالة بين الشباب والفتيات. فإلى مضابط الندوة: • «عكاظ»: كيف تقيمن دور مجلس الشورى خلال السنوات الماضية وتفاعله مع الأحداث؟ * د. حصة آل الشيخ: أسهم مجلس الشورى في السنوات الماضية في تحريك عجلة تقييم أداء العمل الحكومي، وتقويمه من خلال مناقشة الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية، التقارير الخاصة بأجهزتهم، ونأمل أن يحقق المجلس دوره في برنامج الإصلاح الشامل الذي تتبناه حكومة خادم الحرمين الشريفين من أجل رفعة المملكة، لتتبوأ مراكز متقدمة في مختلف المجالات، إلا أن الاستراتيجيات المنفذة في المجلس لم ترق إلى المستوى المأمول، باعتباره أحد مصادر التشريع في البناء المؤسسي للدولة، وإحدى القنوات الفاعلة لإيصال تطلعات واحتياجات المواطنين للقيادة في صورة ما يرفع من رأي ومشورة، وما يصدر عنه من قرارات بشأن مشاريع الأنظمة واللوائح ومراقبة أداء الأجهزة الحكومية. النظر للنساء كقدوة * د. فوزية أخضر: هناك مواضيع وقضايا لم تناقش من قبل مجلس الشورى، حتى لو ناقشها يمر عليها مرور الكرام، ولا يتابعها بالشكل المطلوب، وآمل أن ينظر إلى النساء جميعا بغض النظر إن كن عاملات في الحكومة، أو في قطاع الأعمال كسيدات أعمال، أو متقاعدات أو من ذوي الإعاقة، أن ينظر لهن كقدوة داخل بلدهن حتى يتسنى لهن تحقيق منجزات أكثر. مزيد من الصلاحيات * هدى الجريسي: دور مجلس الشورى استشاري وليس تنفيذيا، ويحتاج إلى مزيد من الصلاحيات لمتابعة توصياته حيال التقارير التي يدرسها ويتفاعل معها، ويرى كثير من أعضاء مجلس الشورى، أن الكثير من قضايا المرأة تناقش على استحياء، كما أن الكثير من التوصيات الخاصة بها تبقى حبيسة الأدراج. تفعيل الدور الرقابي * إيمان العقيل: إن دور المجلس تشريعي ورقابي، وفي الجانب التشريعي لا يظهر دوره إلا بعد أن تنفذ القرارات الصادرة عنه والخاصة بشؤون المرأة، وقد لا يستطيع أفراد المجتمع لمسها مباشرة إلا بعد تطبيقها على أرض الواقع، أما الجانب الرقابي في المجلس فما زال غائبا على أرض الواقع، حيث لم نجد دورا رقابيا للمجلس في ما نشهده من كوارث ومشكلات ناتجة عن تقصير المعنيين بها، حيث إنه لا توجد له سلطة رقابية حقيقية في مجالات حماية المستهلك، الكوارث والتعامل معها كسيول جدة، توزيع الحليب الفاسد، البطالة وارتفاعها بين الشباب، ورغم أن رئيس مجلس الشورى ذكر أكثر من مرة أن دوره رقابي لكننا لا نجد ذلك، ونتساءل أين هذا الدور؟. وتتساءل العقيل: أين دوره في مساءلة المؤسسات واستجواب المسؤول؟ عليه أن يراقب ويناقش الجهات المختصة، وأن يكون له دور رقابي فعلي. دراسة القوانين * انتصار القحطاني: لمجلس الشورى دور بارز في دراسة القوانين والعمل على تنقيحها ورفعها إلى المقام السامي لإقرارها، وأصدر خلال السنوات الخمس الماضية قرارات جيدة كلها تصب في مصلحة الوطن والمواطن، ولمسنا الكثير من هذه القرارات على أرض الواقع، التي انعكست على إنشاء أجهزة وإلغاء من أجل صالح الوطن. • «عكاظ»: ما مرئياتكن حيال مشاركة المرأة في مجلس الشورى كعضو مستشار «غير متفرغ»؟ وما الدور المنتظر من المجلس تجاه المرأة وقضاياها؟ * د. نورة بنت عبدالله العدوان: الهدف من مشاركة المرأة في مجلس الشورى كمستشارة هو تقديم صورة مشرفة لها في المملكة، ولا شك أن عملها كمستشارة أمر مهم لنمو المجلس، وإثراء تجربته واتساع دائرة أعماله محليا ودوليا، ويضيف بعدا مختلفا، للتأكيد على أن المرأة في المملكة لها دور فاعل في تنمية المجتمع والاهتمام بقضاياه، وفي حال توفر الظروف التي تتطلب أعمالا ومهمات جديدة لها في المجلس، فإن ذلك سيكون في إطار يتفق مع مصالح الدولة والمجتمع، ولا شك أن التطور الذي تشهده المملكة، يتطلب وجودا أكبر لها في المجلس، ولا شك أن الخطوة التي اتخذها في دورته الحالية بزيادة عدد المستشارات غير المتفرغات، تعتبر أمرا إيجابيا للاستفادة من خبرات المرأة العلمية والعملية، ونشيد هنا باستعانة لجان المجلس منذ تأسيسه بمرئيات المتخصصات من داخله وخارجه، للمشاركة في أعمال اللجان المتخصصة، وأتطلع أن يكون عمل المستشارات في المجلس موجها لخدمة المواطن رجلا كان أم امرأة، مع التركيز على قضايا الأسرة وما يحيط بها من مشكلات. تثبيت المستشارات * د. حصة آل الشيخ: كون المرأة مستشارة غير متفرغة غير كاف، وهذا ما أثبته المجلس بزيادة عدد المستشارات من 6 إلى 12 وهذا غير كاف، وينحصر دورهن في تقديم آرائهن في القضايا بشكل انتقائي أي عندما تطلب آراؤهن وقد لا يؤخذ بها، لأن الرأي يحتاج إلى استعراض المسببات والقضايا المرتبطة، وننتظر من المجلس إشراك المرأة في العضوية بالصوت والحضور، والمشاركة في اتخاذ القرار. * د. فوزية أخضر: حققت المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني، الكثير من الإنجازات في مجالات مختلفة، ووصلت إلى مكانة مرموقة، وتبوأت العديد من المناصب المهمة في مختلف المجالات، فقد توالت جهود ولاة الأمر لوضع الخطط التنموية المختلفة التي تعزز وضع المرأة، وتمكنها من ممارسة حياتها في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل، وفي هذا الصدد تم منحها مساحة أكبر للمشاركة على كل الأصعدة، ولكن مع كل ذلك إلا أن الواقع يؤكد أننا مازلنا في حاجة ماسة لعمل مؤسسي للتطوير الفكري والمهني لها في المملكة، عمل مؤسسي قادر على استيعاب الكم الكبير من متغيرات البيئة الدولية في عصر العولمة والقرية الكونية، شريطة أن يتجه هذا العمل أفقيا ليستوعب كافة شرائح المرأة السعودية وفئاتها العمرية ومصنفاتها ومناطق تواجدها، ولا بد من تحديد أولويات واقعية تنسجم مع خصوصية المجتمع وبنيته النفسية والحضارية، واعتماد آليات عصرية متطورة وذات جدارة، قادرة على التفاعل مع الأنماط الجديدة من اهتمامات المرأة، خصوصاً الفئات العمرية الشابة، ونيل المرأة السعودية لحقوقها لا يتحقق دون السعي الجاد إلى دمجها في الحياة العامة، وتعزيز مساهمتها في بناء المجتمع، ومن هذا المنطلق فإنني أطالب بتعزيز مشاركة المرأة في مجلس الشورى كعضو أساسي ورسمي وليس كمستشار لا يستشار، فهناك قضايا عديدة لا يمكن أن تقتصر مناقشتها على الرجل فقط مثل قضايا الأسرة والمرأة، العنف ضد المرأة، العنف ضد الطفل، الإعاقة، وجميع هذه القضايا لا يمكن مناقشتها إلا من قبل المرأة نفسها ولا يمكن مناقشتها من قبل الرجل فقط، ولكن يلاحظ أن اللجان المشكلة في المجالس والهيئات من الرجال فقط، دون وجود أي عنصر نسائي، يصعب عليها مناقشة قضايا الأسرة والعنف ضد النساء وبعض الأمور الاجتماعية الهامة، بدون وجود المرأة، ومن خبرتي في مجال التربية الخاصة كمسؤولة عن المعوقين لمدة 38 عاماً لاحظت بأننا كنا نناقش قضايا ذوي الإعاقة في جميع اللقاءات والمؤتمرات، كمختصين ومسؤولين عنهم فقط، وكانت المناقشات تتلاشى وتوصياتنا تحفظ في الأدراج، لأننا لم نكن نشارك أصحاب القضايا أنفسهم (ذوي الإعاقة وأسرهم) وأصحاب القرار وكبار المسؤولين، وكنا نذهب نحن المختصين فقط لنتحدث بلسانهم، وكأننا نصبنا أنفسنا أولياء عليهم ومدافعين عن حقوقهم، من دونهم ومن دون أسرهم، وكان من أبرز السلبيات على تلك المؤتمرات والندوات واللقاءات، هو حفظ تلك التوصيات في الأدراج، وشكلت لجان لمتابعة تفعيلها، ولكن عدم تواجد المسؤولين وأصحاب القضية أنفسهم (ذوي الإعاقة وأسرهم) كان من أبرز السلبيات، وهذا ما أدركناه أخيراً، بعد مشاركتهم وأسرهم، حيث أصبح ذوو الإعاقة وأسرهم يطالبون بحقوقهم حتى أصبح لهم نظام خاص بهم، وهو النظام الوطني للمعوقين كما صدر قرار بإنشاء مجلس أعلى لهم يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. إنني أتحدث عن ذوي الإعاقة وحقوقهم بصفتي صاحبة قضية، لأنني أم لأحدهم وأمثل الأسرة، إضافة لكوني متخصصة في المجال، كما أني حملت مسؤولية الوظيفة الحكومية لهم لمدة 38 عاما. * هدى الجريسي: نطلب من أعضاء مجلس الشورى طرح مبادرات في القضايا التي يجب معالجتها، والتي تتعلق بالكثير من التقارير الواردة لهم، وعضو المجلس قبل كل شيء هو مواطن يعلم ما يعانيه المواطن في بعض القضايا مثل البطالة، فلماذا لا تكون لديه مبادرة لطرح مثل هذه القضايا، والمساءلة بشأن عدم تضمين تلك القضايا في التقارير الواردة للشورى ومتابعتها والتفاعل معها بالشكل الصحيح، والمشكلة التي تعاني منها المرأة أنها مستشارة غير متفرغة، أي أن صوتها لا يسمع، ونلاحظ أن المرأة تعطى وتمنح ميزانيات أقل من تلك التي تمنح للرجل، حيث إن المستشارة غير المتفرغة في المجلس لا تكلفهم الكثير وأبلغتني عضوة بأن تنقلاتها وسفرها لمقر المجلس على حسابها الخاص، ونتطلع أن تصبح لها عضوية كاملة وصوت وتشارك في اللجان مع المحافظة على خصوصيتها كامرأة، وتوعية المجتمع بأهمية رأيها ومشورتها ومشاركتها في صنع القرار في كل ما يخصها والأسرة وبعض قضايا المجتمع. وما نلحظه أن المرأة وجودها في الشورى صوري فقط، وتشارك في بعض الدراسات التي يطلب رأيها بشأنها ولكن ليس لها صوت يسمع أو قرار ينفذ ويؤخذ به، ونؤكد أن وجودها في الشورى أمر ضروري، وهذا لا يتنافى مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، فيجب أن يعي المجلس ذلك ويساهم في التوعية بضرورة مشاركتها فيه. مشاركة هامشية * إيمان العقيل: مشاركة المرأة في المجال الاستشاري في المجلس لا زالت هامشية إلى أضيق الحدود وليست ذات أثر كبير، إذ حدد وجودها في مهمات تشمل المشاركة في أعمال اللجان المتخصصة عبر ما تعرض عليهن من مواضيع، دراسة الملفات الواردة، إعداد تقارير حولها، الاجتماع مع ضيوف المجلس من البرلمانات الدولية والتمثيل الخارجي على المستويين العربي والدولي، وتطوير دورها في الشورى يحتاج إلى تذليل العقبات التي قد تواجهها، فهي تحتاج إلى فريق من المساعدين في إعداد الدراسات المجتمعية، وألا يتعارض عملها مع دورها كامرأة وتفريغها كعضو فاعل في المجلس وليست مستشارة فقط، حيث إنها ليست بمعزل عن المجتمع فهي جزء لا يتجزأ من كيانه فكل ما يمسها يمس المجتمع، والعكس صحيح، ومن وجهة نظري أرى أن من أهم أولويات المجلس، النظر في القضايا الأساسية التي تعوق دور المرأة ومشاركتها في تنمية المجتمع، العمل على حلها، ووضع التشريعات التي تحفظ للمرأة كرامتها وإنسانيتها وعدم تهميشها، ولا نرى أي مانع من مشاركتها كعضو متفرغ في المجلس، مع الحرص على تذليل العقبات التي تواجه عملها في الشورى. * انتصار القحطاني: المطلوب تصحيح فكر المجتمع تجاه دور المرأة في المجتمع، خصوصا أنها نصف المجتمع وتعتبر فاعلة في تربية الأجيال، لذا فإني أطالب بوجود عضوات في مجلس الشورى من ذوات المؤهل العلمي والخبرة والقدرة والفكر الجيد، والمرأة السعودية مؤهلة ولديها فكر رائع وقدرة على المشاركة في بناء الوطن. • «عكاظ»: ما هي أبرز الأولويات التي يفترض أن ينهض بها المجلس نحو إيجاد الحلول لما يعترض قضايا المرأة من معوقات في القطاعات المختلفة؟ * د. نورة العدوان: التركيز على القضايا التي تعترض المرأة في المملكة وتتطلب حلولا كثيرة، وتبرز القضايا ذات البعد الاستراتيجي ومن أهمها القضايا الاجتماعية كارتفاع نسبة الطلاق والعنوسة والتفكك الأسري، وأصبحت تهدد الأمن الاجتماعي واستقرار الأسرة، ثم تليها القضايا الاقتصادية كعدم وجود فرص عمل مناسبة للمرأة والفقر وغيرها من القضايا المرتبطة بها. * د. حصة آل الشيخ: مد جسور التواصل بين مجلس الشورى وأفراد المجتمع، خصوصا المرأة، وتمكين مشاركة المرأة المؤهلة لصنع القرار، وإجراء دراسات لوضع الأنظمة واللوائح لضمان مشاركة المرأة الفاعلة في مجتمعها، لما تواجهه من تحديات إدارية وتنظيمية واجتماعية في بيئة العمل، ومعالجة مشكلة البطالة المرتفعة بين النساء، ما يعني تعطيلا حقيقيا لنسبة عالية من نصف المجتمع، ومعرفة أسباب عدم تفعيل بعض القرارات الخاصة بعمل المرأة والتي من أهمها قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 120 بتاريخ 12/4/1425ه بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة، وعمل الإجراءات اللازمة. التوصيات: • دخول المرأة مجلس الشورى كعضو أساس مثلها مثل شقيقها الرجل، مع مشاركتها في كافة اللجان مع المحافظة على خصوصيتها، ويكون لها صوت مسموع، وعدد العضوات يقارب نصف الأعضاء وبنفس شروطهم. * دراسة قضايا المرأة في مجلس الشورى، والتركيز على قضايا الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة والمتقاعدات بشكل جدي. * تعزيز الدور الرقابي لمجلس الشورى ومنحه المزيد من الصلاحيات. * مد جسور التواصل بين مجلس الشورى وكافة أفراد المجتمع بجميع الطرق المتاحة لذلك وسماع صوت المواطن وشكواه. * نشر الثقافة البرلمانية عبر الإعلام وأوساط المجتمع وبين أعضاء الشورى أنفسهم. ضيوف الندوة: الدكتورة نورة بنت عبدالله بن عدوان مستشار غير متفرغ (سابقا في مجلس الشورى) المشرفة على كرسي مركز أبحاث المرأة في جامعة الملك سعود. الدكتورة حصة بنت محمد آل الشيخ أكاديمية وعضو في مجلس الأمان الأسري. الدكتورة فوزية بنت محمد أخضر مدير عام التربية الخاصة للبنات سابقا رئيسة اللجنة النسائية العامة لشؤون المرأة في الجمعية الوطنية للمتقاعدين. هدى بنت عبدالرحمن الجريسي رئيسة المجلس التنفيذي في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض رئيسة اللجنة الوطنية النسائية في مجلس الغرف. إيمان بنت عبدالله العقيل رئيسة تحرير مجلة حياة للفتيات. إنتصار بنت محمد القحطاني محللة اقتصادية.