استعرضنا في الحلقة السابقة المعوقات التي تعترض انطلاق الصناعة في مكةالمكرمة وتعوق تحقيق حلم صنع في مكة، وهو الشعار الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة. وكان العرض من خلال جولة استعرضنا فيها حالة المدينة الصناعية في مكة على أرض الواقع، والمعاناة التي تعانيها المصانع الواقعة فيها. وفي هذه الحلقة، يتحدث الصناعيون والمعنيون بأمر الصناعة في مكةالمكرمة، الذين كشفوا ل«عكاظ» أن الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة تعكف حاليا على إعداد دراسات جدوى لمشاريع استثمارية صناعية لطرحها على المستثمرين، خصوصا في ظل المزايا النسبية التي تتمتع بها مكةالمكرمة في مجال الفرص الواعدة بإنشاء الصناعات الخفيفة المتعلقة بهدايا الحجاج والمعتمرين، خصوصا أن مكةالمكرمة تستقبل خمسة ملايين حاج ومعتمر سنويا. وكشفت المناقشات عن تخصيص قطعة أرض في بحرة بغرض إنشاء مدينة صناعية عليها، تكون بمثابة رافد للمدينة الصناعية الأولى في مكة، وفي الوقت ذاته تخدم المستثمرين في جدة. بداية يؤكد نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة زياد محمد جمال فارسي، أن شعار «صنع في مكة» الذي يحظى برعاية كريمة من الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، ودعم من الغرفة التجارية في مكةالمكرمة وجهات أخرى تبذل كافة الجهود لتحقيق هذا الشعار ليخدم أهالي مكةالمكرمة بتوظيفهم ولتكون منتوجاتهم في أيدي الجميع، ليفتخر بها المكيون أمام زوار وحجاج بيت الله الحرام. وأضاف أن اللجنة الصناعية، وهي إحدى اللجان المنبثقة عن مجلس إدارة غرفة مكة، تعكف على عمل دراسات جدوى اقتصادية لمشاريع، وطرحها للمستثمرين لتحقيق هذا الشعار، إلا أن هناك الكثير من العقبات والتعقيدات التي تقف عقبة في وجه بعض الصناعيين ونرجو أن تكون في طريقها إلى الحل. مدينة صناعية ثانية من جهته، يقول عضو مجلس إدارة غرفة مكة وممثلها في مجلس الغرف السعودية هشام عبدالعزيز السيد: إن إنشاء صناعات متخصصة في مكة مطلب مهم، إلا أن وجود العديد من المعوقات تحول دون قيامها ومن أبرزها: عدم توافر مدينة صناعية ثانية، والحاجة ملحة جدا لوجود مثل تلك المدينة، وأن تكون خارج النطاق العمراني لتخدم الصناعيين وتمكنهم من إنشاء مصانع ليس لها ضرر على السكان، إلا أن وجود المدينة خارج مكة يسهل الحركة المرورية في الدخول والخروج إليها، إذ إن المدينة الصناعية الأولى الحالية اكتملت وهي صغيرة وداخل النطاق العمراني. وهناك رغبة من الكثيرين من الصناعيين بالتوسع وإنشاء مشاريع صناعية جديدة إلا أن العائق هو الأرض. غياب صندوق التنمية الصناعية ويضيف السيد إن دعم المشاريع الصناعية يكاد يكون شبه غائب، خصوصا أن دور صندوق التنمية الصناعية الذي يفترض أن يكون رياديا في تطوير الصناعة، لكن الإجراءات طويلة جدا وتأخذ من الوقت الزمن الكثير، الأمر الذي يجعل بعض أصحاب المصانع الصغيرة والمتوسطة لا يرغبون في الدخول في موضوع القروض رغم أنها قروض ميسرة السداد طويلة الأجل، إلا أن طول الدورة الإجرائية تجعل الكثيرين يعزفون عن هذا الدعم. وفي ما يتعلق بالجهات الأخرى الداعمة للمشاريع الصناعية، هناك نقص في المعلومة لأصحاب المصانع، وسوف تسعى اللجنة الصناعية في الغرفة لإيصال أصحاب المصانع بالجهات الداعمة للشرح والاستفادة من هذا الدعم، خصوصا المصانع الصغيرة والمتوسطة. صناعة مستلزمات الحاج وأوضح السيد أن اللجنة الصناعية في غرفة مكة تعكف حاليا على إعداد دراسات، بالتعاون مع عدد من الجهات ذات الاختصاص التي تعنى بقيام صناعة توفر احتياج سوق الحج والعمرة، سواء من مؤسسة حجاج الداخل أو التعاقد مع مؤسسة الطوافة الأهلية، خصوصا أن معظم احتياج المعتمرين والحجاج من ملابس الإحرام أو الحقائب أو غيرها تصنع في الصين وبعض الدول الأخرى ويمكن تصنيعها في مكة وتسويقها بشكل جيد. كذلك يمكن إنشاء صناعات للهدايا والتذكارات التي يمكن أن يحملها الحاج معه من مكة. تسويق «صنع في مكة» غائب ويقول عضو اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية في مكة المهندس عبدالمجيد عبدالرحمن نور ولي: إن التسهيلات المقدمة لجذب صناعيين من خارج المنطقة لا تزال دون المستوى المأمول، إذ إن المدينة الصناعية القائمة في مكة صغيرة ولا تلبي الاحتياجات التوسعية للمجتمع اللاقتصادي في مكة، ما يتطلب وجود مدينة صناعية ثانية مزودة بالبنية التحتية اللازمة لتكون جاهزة لاستقطاب الصناعيين، وتلبي احتياجات المستثمر الصناعي، وكذلك تسويق هذه المدينة بشكل جيد من خلال إنشاء صناعات تدخل في احتياج المستهلك مباشرة، بما يتوافق مع المزايا النسبية للمنطقة، ومن أبرز هذه المزايا إنشاء صناعات متخصصة تلبي احتياجات الأهالي والزائر والحاج، كالهدايا التذكارية واحتياجات الحاج في فترة تأدية مناسك العمرة والحج، مثل: الإحرام، الحذاء، الشمسية، الحقائب اليدوية المحمولة، سجادة الصلاة، السبحة، وما يحتاجه من تغذية مصنعة بطريقة صحية آمنة لا تتعرض للتلف، وهذا سوف يكون ضمن شعار «صنع في مكة». الحج والعمرة ميزة إضافية ونفى نور ولي أن يكون ضعف الصناعة في مكة عائدا لكون مكة تستقبل ملايين الحجاج والمعتمرين وهو ما جعلها مدينة خدمات أكثر من كونها مدينة صناعة، قائلا: كون مكةالمكرمة تستقبل ملايين الحجاج والمعتمرين في كل عام هذه ميزة تشجع على وجود صناعات متخصصة، تلبي احتاجات هؤلاء الحجاج والمعتمرين وتضمن سوقا جيدة لمنتجات هذه المصانع.