وحل وغرق وأطنان من التبريرات هذا هو حال جدة مع كل زخة مطر، يوم الأربعاء الماضي وبينما عقارب الساعة تنتصب عند ال 11 صباحا، وبينما السماء ملبدة بالغيوم وأصوات الرعد ترتفع، وقبل أن تستقر أول قطرة مطر على الأرض كانت الأمانة التي يعمل فيها نحو خمسة آلاف موظف ويساندها أكثر من ثلاثة آلاف عامل نظافة دفعت ببيان صحافي يحدد جهوزيتها للتعامل مع المطر، قالت إنها رصدت 40 موقعا وحشدت مئات الآليات وعشرات المهندسين، غير أن الوضع ما لبث أن تغير واستحالت الأرض بحرا. ويتساءل خالد الزهراني الذي حاصرته المياه وحالت دون خروجه وأسرته من المنزل لنحو 36 ساعة عن كل هذا العدد من موظفي الأمانة «نحو ثمانية آلاف موظف وعامل لماذا لم ينتشروا في كل المواقع ويخرجوا من المكاتب العاجية ويشاهدوا معاناة الناس، وحزنهم، ووجعهم؟». اللافت في بيانات أمانة جدة التي أعلنت بعد أن تحولت أحياء جدة إلى بحر، أن لديها خططا جاهزة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وأن في استطاعتها معالجة الأمر تقول الأمانة في بيان وزع صبيحة اليوم التالي للكارثة لجنة أعمال الأمطار بالأمانة رصدت أكثر من 100 موقع يجري التعامل معها بواسطة 200 وايت منها 80 ناقلة تابعة للأمانة ومقاوليها و120 من ناقلات الأهالي، فضلا على 30 مضخة و40 معدة أخرى ما بين شيولات وقلابات ومكانس. وفيما جزمت الأمانة أنها جندت 50 فرقة ميدانية وأكثر من 500 عامل يتساءل سكان شارع فلسطين عن قدرة هذا العدد المحدود من العمالة في معالجة الموقف ونزح آلاف الأطنان من المياه الآسنة، إضافة إلى مساندة الأهالي وتخفيف حدة الكارثة ووجع المعاناة، لا سيما أن البحيرات التي أصبحت تفترش الشوارع يخشى أن تتحول إلى مصائد للأطفال ومسابح مفتوحة تبتلع الأطفال الأبرياء. خسائر جدة ليست في الأرواح والممتلكات فحسب بل الخسارة الأكبر تتمثل في استعادة نفسيات الناس المحطمة، التي تتفاجئ كل مرة أن تصريحات المسؤولين في الأمانة حبر على ورق، وأن الشق أكبر من الرقع، وأن الاستعانة بخبراء دوليين في إدارة الفيضانات والكوارث هو الحل الأمثل، يقول راشد الحربي مواطن من حي الصفا عاش هول الفاجعة «إذا كانت أمانة جدة غير قادرة على التعامل مع الموقف فلماذا لا تستعين بخبراء دوليين في إدارة الأمطار ومواجهة الفيضانات؟ نحن لا نريد حلولا وقتية ولا نبحث عن تصريحات مملة، يبدو أن المعضلة أكبر من كل إمكانيات الأمانة وجيشها من الموظفين». لن يهنأ سكان جدة هذا الربيع بإجازتهم، ولن تستقبل العروس سياحها، السياحة ضربت في مقتل، الجميع هنا سينشغلون بترميم منازلهم وإصلاح ما طاله الضرر، أثاث، مملتكات، أساسات، سيارات، كل شيء طاله الضرر بحاجة إما إصلاح أو استبدال.