يا للمطر!! حتى المطر!! حتى المطر تعلم لغة الوجوه المتعددة، والألوان المتقلبة!! حتى المطر!! حتى المطر تعلم الخيانة والخديعة!! عهدنا بالمطر حبيبا حانيا، عرفناه منذ قرون بعيدة يزورنا من حين لآخر ليهدينا الحياة والخصب والجمال، فكيف صار هذه الأيام يزورنا ليجلب إلينا الدمار والهلاك والفناء! منذ قرون بعيدة علمنا المطر أن نحبه، وأن نشتاق إليه ونحن للقياه، فتحتضنه قلوبنا قبل أذرعنا، فما الذي بدله اليوم فصار يستمتع بإثارة الرعب في صدورنا، حتى بتنا نكره رؤيته ونفر من مقدمه! كيف استحال المطار من بشير أمل وتفاؤل وخير، إلى نذير شؤوم ودمار! يا للمطر! كم بإمكانه أن يكون حبيبا حانيا، أو عدوا قاسيا! ظللت زمنا طويلا، كلما سمعت أنباء الأمطار الغزيرة وما تحدثه من فيضانات في بعض الدول الغنية بالأنهار، فتدمر المساكن القريبة منها، وتشرد أهلها وتصيب حياتهم بالدمار، أصاب بالتعجب وتتملكني الحيرة، كيف أن الحكومات لم تحضر على الناس السكنى في تلك المناطق الخطرة المعرضة للغرق متى حل موسم الفيضانات، وما الذي يضطر الناس أنفسهم إلى العودة للإقامة في تلك الأماكن نفسها، بعد أن رأوها حملت إليهم الموت والهلاك من قبل!! حين تفجرت أزمة الأمطار والسيول في جدة في السنة الماضية، فأحدثت الهلاك والدمار لمن أقاموا مساكنهم في الأودية المعرضة لجريان السيول، عاودني التعجب وراودتني الحيرة مرة أخرى، كيف سمح لأولئك بإقامة مساكنهم في أماكن معرضة للخطر؟ وما الذي يجعل الناس أنفسهم يفعلون ذلك؟ آنذاك، قيل ما قيل عن المشكلة وأسبابها، لكن السؤال المتحير ظل كامنا في الذهن، ليقفز ثانية بعد انجلاء المطر وإشراقة الأرض بالحياة من جديد، حين طلب من الناس إخلاء المساكن المؤقتة التي أسكنوا فيها ليعودوا إلى مساكنهم الأولى المقامة في مواقع الضرر، من غير أن يكون هناك ما يحميهم من تكرر وقوع كارثة جديدة!! كنت أتوقع أن تحاط المنطقة الخطرة بسياج يمنع الاقتراب منها حتى يبت في شأنها، وأن تبادر الأمانة بتصحيح غلطتها، حين أذنت بتداول البيع في مناطق غير صالحة للسكنى، بأن تشتري جميع المساكن المقامة في مجرى السيل من مالكيها، لتمكنهم من تأمين مساكن أخرى لهم في أماكن أكثر أمنا! لكن شيئا من ذلك لم يحدث، فعاد الناس إلى بيوتهم وبدأت عجلة حياتهم تدور من جديد وكأن شيئا لم يقع!! هل نحن قوم نجهل ثقافة الحذر!! فنترك أنفسنا نحيا كيفما اتفق، حتى إذا ما أصابنا ما أصابنا من الضر، شرعنا في البكاء والندب!! المطر حالة طبيعية متوقع حدوثها، وآثارها يمكن التنبؤ بها، فلم لا تؤخذ الاحتياطات اللازمة للسلامة من قبل الوقوع في الأزمة، وأقرب مثال ما حدث الأسبوع الماضي، فقد كان معلنا عن توقع هطول الأمطار بغزارة يوم الأربعاء، فعلى الأقل لم لم توقف الدراسة في ذلك اليوم، خاصة أنه من المعروف للجميع أن جدة تغرق في شبر من الماء؟ ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة