أسبوع على كارثة أمطار جدة وسيولها، الكارثة التي لم يستوعبها بعد كل من عاش تلك اللحظات الصعبة. عادت ذكريات الأربعاء الأسود بكثير من الحزن والألم، هذه المرة لم تغرق الأحياء العشوائية فحسب، بل غرقت المدينة أجمع، أحياؤها وشوارعها ومبانيها.. كان غرقا جماعيا. لم تواجه جدة كارثة طبيعية كما يردد البعض بل كانت كارثة بشرية نتيجة غياب الضمير والمسؤولية والأمانة. ولم يكن المطر قاسيا عليها كما فعل البشر، لأن أمطارها كانت لساعات ولم تكن لأيام. لذلك تفردت جدة بأن تكون المدينة الوحيدة التي تغرق خلال ساعات غرقا كاملا!. أسبوع مرت أيامه مثقلة بالكآبة والحزن والفوضى، حزن على الضحايا والمفقودين والخسائر المادية الكبيرة. الكثيرون ما زالوا يعانون من ذكرى اللحظات العصيبة التي عاشوها بين الضغط النفسي والخوف والقلق وهم محتجزون داخل بحيرات مياه الأمطار أو داخل المدارس والمؤسسات والبنوك والسيارات دون ماء أو كهرباء أو وسيلة اتصال. وبعد ذلك يأتي من يقول إن الكارثة لا تستحق كل هذا التهويل!. أسبوع من الشلل التام، منازل دون كهرباء وشوارع مزدحمة بالسيارات تسبح داخل برك المياه الملوثة. أصوات الطائرات المروحية والدفاع المدني في جميع الأوقات. تعطلت المدارس وتأجلت الاختبارات وتوقف الكثيرون عن الذهاب إلى العمل. وضع صحي مقلق مع التزايد الرهيب للحشرات والناموس وتجمع برك المياه. واقع جدة اليوم لم يعد قادرا على تحمل قطرة ماء واحدة خاصة مع تردد الأقوال والتوقعات باحتمالية وقوع الكارثة مجددا. واقع يتساءل إلى متى ولماذا؟! أسبوع قضاه سكان جدة متكاتفين ومتعاونين. والعديد من الأسر تفتح منازلها للمتضررين. آلاف من المتطوعين المواطنين والمقيمين، صغارا وكبارا، نساء ورجالا عملوا بيد واحدة من أجل مدينتهم. المئات من الصور تناقلت عبر الصحف ومواقع الإنترنت لعلها تكون أبلغ في نقل حجم الكارثة وأضرارها. المؤسف فعلا أننا كنا ندرك أن جدة ومنذ سنوات تحتضر بصمت، تصارع الموت بصعوبة حتى تبقى محافظة على لقبها عروس البحر الأحمر وثاني أهم مدينة بالمملكة ولكننا رفضنا أن نستمع إليها. لسان حالها اليوم يقول إنها بقايا مدينة تموت مع كل قطرة مطر.