حري بنا ونحن في زمن زمت الأخلاق الدينية حقائبها.. حين فتح القادمون حقائب الغرب الأخلاقية وعاداتهم وتقاليدهم، واحتضن المستقبلون الدخائل لتتلبس دخائلهم بها، ويتحلوا بأخرى على أجسادهم.. فطار الريش وضاعت التقوى، حري بنا أن نعود وبقوة إلى سيرة هادينا صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح لنملأ صدورنا بنور أخلاقهم، فتبصر جوارحنا حين تعطي وتمنع وتتقدم وتحجم بنور ما جذوره في الأرض وفروعه في السماء. لقد باتت بيوتنا تشكو من غياب الأخلاق الرفيعة بين أفرادها وكذلك المجتمع.. بتنا نسمع عن الفساد في المال والإدارة أكثر من الصلاح فيهما، والمعول عليه هو الأخلاق. نتمنى أن نسمع كثيرا ونقرأ لمشاهد العدل والأمانة والإيثار والبر والإحسان والإنصاف.. كما نسمع كثيرا عن الخيانة والظلم والقهر والتسلط والفقر. دعونا مع لحظة إنصاف مع أنفسنا التي طالما تركنا لها زمام السياحة في كل أمر وشيء. دعونا نوقفها لتتأمل قليلا: هل ادعت ما ليس لها؟ هل أفلحت بالتزكية، أم خابت بالتدنيس والتصغير والتحقير بالمعاصي؟ هل ارتقت بتوحيد الله وحبه والخوف منه والتوكل عليه وإيثار مرضاته، يقول ابن القيم رحمه الله: (إن إنصاف المرء نفسه من نفسه يوجب عليه معرفة ربه وحقه عليه، ومعرفة نفسه وما خلقت له، وألا يزاحم بها مالكها وفاطرها ويدعي لها الملكة والاستحقاق، ويزاحم مراد سيده ويدفعه بمراده هو أو يقدم مراده كالشهوات مثلا ويؤثره على مراد مولاه، ويقسم إرادته بين مراد سيده ومراده هو وهذه قسمة ضيزى...). علينا بالإنصاف مع أنفسنا لنعرف قدرها، فنجد إن كانت إلى الزيادة تطلب وتحتاج ونسدد فيها ونقارب الأهداف، وألا نظلمها ونسعى في ضررها وشقائها من حيث نظن أننا نسعدها، ونحرمها حظها من الله ونحسب أننا نمنحها ونقربها، فلنبدأ بإنصاف أنفسنا من أنفسنا لننطلق بعد ذلك في تعاملنا مع الغير بإنصاف حق إنصاف، فمن لم ينصف مع نفسه لنفسه، وهي القريبة والحميمة الثاوية بين جنبيه، فما عسى حاله أن يكون مع إنصاف الآخرين؟ وإلى لقاء قادم بإذن الله مع الإنصاف من رياض ابن القيم. [email protected]