دعونا نفتح صدورنا للأخلاق رفيعة الشأن، وأقصد بها تلك التي أصبحت شديدة إلا على من رحم الله وعلم أن الدين المعاملة، وأسمى ما في المعاملات أن تقوم على الأخلاق الربانية والمحمدية، والتي هي مأدبة تعليم وتزكية لابد أن تمتلئ أرواحنا منها. هل أنصفنا الغير من أنفسنا أو ممن نحب؟ هل أدينا حق الله من العدل والإنصاف للغير ولو كان مخالفا في الرأي أو الدين أو المذهب؟ أنصفوا واتصفوا بالإنصاف فإن الله جل في علاه ينصف، وقد أنزل قرآنا يتلى عندما هم رسوله صلى الله عليه وسلم بالقضاء في مسألة بين يهودي ومنافق (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما)، وذلك أن طعمة بن أبيرق وهو منافق سرق درعا في جراب فيه دقيق لقتادة بن النعمان وخبأها عند يهودي، فحلف طعمة ما لي بها علم فاتبعوا أثر الدقيق إلى دار اليهودي، فقال اليهودي: دفعها إلي طعمة. آيات تنزلت لكشف ذلك المنافق الذي انضم إلى المشركين بعد فضحه وتبرئة اليهودي، إن العداوة بين المسلمين واليهود قائمة في المدينة، وكيد اليهود للمسلمين واضح للعيان، إلا أن الاسلام ما جاء ليتستر على انحرافات البشرية أو يتسامح مع شيء منها، وما جاء ليجاري الجاهليات فيما تقع فيه من انحرافات، وإنما جاء لينشأ الإنسان الصالح في الأرض. إن الإنصاف مطلوب من كل أحد، وخاصة من المسؤولين والقائمين على شؤون المسلمين وأحوالهم من أمراء ووزراء ورؤساء ومديرين وكل من بيده زمام أمر كبر أم صغر للناس. هل أديتم حقوقهم؟ هل التزمتم حدود مطالبتهم في أن تكون على قدر طاقاتهم ووسعهم؟ هل حكمتم لهم أو عليهم بما تحكمون به لأنفسكم أو عليها؟ هل عاملتموهم بمثل ما تحبون أن تعاملوا به؟ هذا هو الإنصاف أيها الأحبة دعوه يملأ أروقة المحاكم لتستضيء به صدور القضاة وفقهم الله ويرحمون ضعفاء من النساء والرجال لا يستطيعون حيلة ولا سبيل لهم إلا سبيل جيئة وعودة بخفّي حنين، وقد أوهنتهم المشاوير وأخذت من جهدهم وجيبهم الكثير المعدم، دعوه يملأ صروح التعليم فلا يؤاخذ المسؤول بذنب طالب جراء جبروت وظلم المعلم، دعوه في قطاعات العمل جميعها سمة عدل وإنصاف ومساواة حال ارتكاب الخطأ والتقصير في الأداء، دعوه حتى في علاقاتنا فلا تطغى علاقة على حساب علاقة أخرى. [email protected]