اعتبر أعضاء في مجلس الشورى نظام حماية الطفل من الإيذاء نقلة نوعية في توفير الأمان الأسري في المجتمع السعودي. وأكدوا ل«عكاظ» أن الدولة تعطي كافة فئات المجتمع وخصوصا التي تحتاج إلى رعاية، العناية الفائقة والاهتمام الأكبر من خلال الحفاظ على حقوقهم وحمايتهم من الأذى. الريادة والسبق رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى الدكتور طلال بن حسن بكري، أوضح أن المملكة رائدة وسباقة في مجال حماية المجتمع بشكل عام ومن يحتاجون للعناية الخاصة بشكل خاص. وبين أن نظام حماية الطفل من الأذى سيرفع لمجلس الوزراء للموافقة عليه، وفي حال إقراره سيصدر مرسوم ملكي للبدء في تطبيقه، أما إذا لم يوافق عليه فإنه سيعود لمجلس الشورى لمناقشة أوجه الاختلافات، موضحا أبرز ملامح النظام توفير الحماية للطفل منذ كونه جنينا إلى أن يبلغ سن 18 عاما. وكشف بكري، عن أن المجلس سيدرس نظاماً لحماية أفراد الأسرة يتضمن توصيف أنواع الإيذاء التي تلحق بالمرأة وكبار السن وضمان تأمين الحماية لهم، مع ترك تقدير العقوبة الواردة عند الإخلال بالنظام للمحاكم الشرعية المتخصصة. وأوضح بكري، أن النظام سيكون مكملا لنظام حماية الطفل من الإيذاء ويتضمن في مواده توصيف أنواع الإيذاء الأسري من التحرش الجنسي، النفسي، الاجتماعي، والجسدي، لكنه لا يتطرق إلى زواج القاصرات، مرجعا ذلك إلى صعوبة تعريف القاصر، وكون النظام غير متعلق بالتكليفات والواجبات الشرعية. وأفاد رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والطفل بأن نظامي حماية الطفل والحماية من الإيذاء كانا في الأصل نظاما واحدا، بيد أن التوجيهات صدرت بإصدار كل منهما على حدة؛ لأن «الطفل الحلقة الأضعف في التكوين الأسري». كبار السن والمرأة بدوره، بين رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني، أن نظام الحماية من الإيذاء يتضمن فصولا خاصة بكبار السن والمرأة، واصفا إياه بأنه الأكثر دقة وتوصيفا لأوضاع وأنواع الإهمال والإساءة وغيرها. وقال إن النظام يسهم في وضع آلية للتصرف عندما تحدث حالات الإهمال، كما يمنع تداخل مفهوم الولاية عند حدوث الإيذاء ويضع النقاط على الحروف. ونبه إلى أن النظام سيشمل الإيذاء النفسي والإهمال والحرمان من الأوراق الثبوتية ولن يقتصر على الإيذاء الجسدي، ما يجعل الأخذ ببنوده أمرا جديا لتلافي حصول العنف. ودعا القحطاني إلى نشر الثقافة الحقوقية وتضافر الجهود ضمانا لتطبيق النظام بالشكل المطلوب، موضحا أن ذلك يتطلب وقتا لضمان نشر الثقافة وتغيير السلوكيات السائدة في المجتمع، منبها إلى أن النظام لن يلغي العنف الأسري والمشكلات الناجمة عنه كليا لكنه سيخفضها. اهتمام كبير وأشار عضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب الدكتور مازن خياط، إلى أن اللجنة تدعم بشكل أساسي قضايا المجتمع كالتي تتعلق بشؤون الطفل والمرأة وتوليها أهمية كبرى؛ لأن الدولة ترى أن الحفاظ على حقوق الطفل وحماية المجتمع من الآفات من أولوياتها. وبين خياط، أن نظام حماية الطفل أخذ استقصاء لكافة الآراء وخضع لدراسات دقيقة بدءا بالجانب الشرعي فيما يتعلق بسن البلوغ والرشد وغير ذلك وعلاقة هذا الأمر بالتكليف وإيقاع العقوبات الشرعية بحقه، موضحا أن النظام راعى الفرق بين أن يكون الطفل في دار أيتام أو تحت تربية والديه مباشرة، كما يحدد طريقة الإهمال التي يتعرض لها الطفل. وأشار إلى أن عددا من الجهات ذات العلاقة ومن بينها وزارات الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية شاركت في دراسة النظام، مبينا أن النظام بعد الموافقة عليه من المقام السامي سيعمم على الوزارات المعنية كل بحسبه. واعتبر عضو مجلس الشورى دور وزارة الثقافة والإعلام والأجهزة الإعلامية التابعة للوزارات المختصة والجهات المعنية أساسي جنبا إلى جنب مع بقية الجهات، مثل هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان في التعريف بحقوق الطفل ونشر الثقافة الحقوقية. وذكر أن النظام يهدف إلى نشر التوعية وتكثيفها قبل وقوع المشكلة، وهو المقصود من إصداره أساسا، بهدف منع تفاقهم المشكلات وحلها قبل استفحالها، ما سيخفف من الآثار المادية والنفسية وما ينجم عنها. وبين عضو المجلس أن نظام الحماية من الإيذاء سيرى النور قريبا، مشيرا إلى أنه سيوفر بعد الموافقة عليه واعتماده الحماية لكل أفراد الأسرة انطلاقا من توصيف أنواع الإيذاء وتصنيفها. مصلحة الطفل أما رئيس لجنة الشؤون الإسلامية في مجلس الشورى الدكتور عازب آل مسبل، أوضح أن نظام حقوق الطفل يحرص على ضمان ما فيه مصلحة للطفل دون مساس بالأحكام الشرعية. وقال: لدينا أنظمة شرعية وحقوق جنائية تختلف عما هو موجود في الخارج، «هؤلاء ربما يمنعون حقوق البالغين 15 بحجة أنه مازال قاصرا، كما يلغون مسؤوليته في حالة ارتكابه جنايات بحجة عدم بلوغه سن 18، وهذا مخالف للشرع». وأضاف «نحن نلتزم بالشريعة أولا وما كان فيه مصلحة للطفل فإنه يؤخذ به، مع التأكيد على أنه يجب أن يقدم ما وردت فيه الأحكام الشرعية». من جانبه، شدد رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض في مجلس الشورى الدكتور إبراهيم الشدي، أن النظام لن يكون عقابا للمتعرضين للطفل بقدر ما هو وسيلة توعوية للمجتمع بخطورة أذية الأطفال وتوضيح كيفية التعامل معهم، الأمر الذي يوفر الحماية لهم. وأكد أن المملكة تأتي ضمن دول قليلة في إصدار نظام لحماية الطفل، مشيرا إلى أن النظام رتب قضايا حماية الطفل، مشددا على ضرورة توفير التوعية الإعلامية. وأضاف «ليس القصد من إصدار النظام معاقبة من يتعرض للطفل بأذى، وإنما توعية المجتمع بأن أذى الأطفال يؤثر عليهم، بدليل أن كثيرا من بنوده تناولت دور وسائل الإعلام في إضفاء الوعي اللازم. وأوضح الشدي أن النظام لا يتضمن آلية معاقبة الطفل حين ارتكابه جرائم تستدعي العقوبة، «فهناك نظام الإجراءات الجزائية الخاص بذلك»، مستدركا «النظام يحمي الطفل إذا تعرض للإيذاء من طرف آخر». وأكد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى، أن معظم الحالات الخاصة بإيذاء الأطفال لن تصل إلى القضاء على ضوء مواد النظام، معتبرا أن أكثر الحالات تقع بغير قصد. وأشار إلى أنه في هذه الحالة يخضع المتسبب في الإيذاء للتوعية وفي حال تطور القضية تحال إلى القضاء ليحدد القاضي العقوبة التعزيرية بحسب الوقائع. وبين أنه بعد صدور النظام سيكون هناك تنسيقا مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لمعرفة مايتخذ على ضوء مواد النظام كل بحسبه. نتاج توصيات من جهته، أوضح الأمين العام للجنة الوطنية للطفولة الدكتور بندر السويلم، أن نظام حماية الطفل من الإيذاء كان نتاجا لتوصيات ندوة عقدتها اللجنة في الرياض بإيعاز من المجلس الأعلى للطفولة. وبين أنه تم تشكيل لجنة من خبراء سعوديين وجهات أخرى ذات علاقة، فضلا عن المهتمات والمهتمين بحقوق وقضايا الطفل. وأفاد بأن المجلس وجه برفع المرئيات حيال النظام للمقام السامي، وتتضمن تكوين لجنة من جهات وقطاعات عديدة منها وزارتي الداخلية والعدل، ثم وافق المقام السامي في نفس العام على تشكيل لجنة تعد النظام وآلية تنفيذه. وذكر أن اللجنة عقدت اجتماعات مع أعضاء اللجان التي أخذت تجارب الدول العربية وغيرها في هذا المجال، كما تمت دراسة الأنظمة وتكليف خبير سعودي في إحدى الجامعات المحلية لإعداد هيكل للنظام ثم رفع للمقام السامي؛ لأخذ التوجيهات ثم أحيل لهيئة الخبراء لمزيد من الدراسة مع الجهات ذات العلاقة، وبعد ذلك أحيل لمجلس الشورى. وأفصح أن المفترض إعادة النظام بعد الموافقة عليه إلى اللجنة الوطنية للطفولة لوضع آلية تنفيذ خاصة به.