ادى تزايد عدد الاطفال المعنفين في جميع المناطق الى ظهور اصوات عديدة تدعو الى انشاء هيئة خاصة لحمايتهم في اطار توحيد الجهود لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تؤرق المجتمع. وعلى الرغم من الدعوات العديدة لمواجهة هذا الامر الذي ينشأ بالدرجة الاولى نتيجة الخلافات الاسرية والمخدرات، الا ان التحرك في هذا الاتجاه يسير ببطء شديد. ويؤدي بطء المعالجة وتشتتها بين اكثر من 10 جهات الى تعثر الجهود في حين يزداد العنف ضد الاطفال بشهادة القضاة انفسهم. وقد سعت وزارة الشؤون الاجتماعية الى مواجهة هذه الظاهرة من خلال تفعيل الرمز الرباعي (1919) ليكون الرقم الخاص للوصول إلى مركز الرد الآلي واستقبال بلاغات الإيذاء والعنف الأسري بالوزارة. وأشارت الوزارة إلى سعي الإدارة العامة للحماية الاجتماعية للتدخل السريع لإنقاذ ضحايا العنف الأسري بالتعاون مع لجان الحماية الاجتماعية في جميع المناطق. وعزت دراسات قامت بها الوزارة زيادة حالات العنف ضد الأطفال لارتفاع حالات الطلاق والخلافات بين الأبوين. وتوصي الدراسات بضرورة إبعاد الطفل الذي يتعرض للأذى عن أسرته في الحالات التي تكون الأسرة أو احد أفرادها هم المتسببون في إيقاع الأذى بالطفل، مشيرة إلى أن اسباب ذلك انخفاض المستوى الاقتصادي لأسرة الطفل. وجهل الوالدين ومشكلة الفقر وأوصت الدراسة التي أجرتها الأميرة الدكتورة منيرة بنت عبدالرحمن آل سعود بضرورة إيجاد نقاط للتعاون بين الشرطة والجهات ذات العلاقة بالأطفال وإيذائهم، كالمستشفيات والمدارس ودور الرعاية الاجتماعية للأطفال، وسن القوانين والأنظمة والتشريعات الخاصة بالتعامل مع حالات الأطفال المتعرضين للإيذاء مع تحديد مفهوم موحد لما يمكن اعتباره إيذاء بوضع حدود له. يقول المستشار القضائي الخاص والمستشار النفسي الشيخ صالح بن سعد اللحيدان ان الشريعة الاسلامية في الاصل حرمت تعنيف الاطفال ولكن الحكم في الشرع ليس واحدا فالطفل اذا ارتكب كبيرة من الكبائر يجب ان يعنف لكن بقدر، ولكن قبل التعنيف يجب ان يعلم. واضاف ان اسباب تعنيف الاطفال كثيرة منها جهل الوالدين باسس التربية وفقدان المثل الاعلى في المنزل وعدم دقة المراقبة ومشاكل الطلاق واختلاط الاسر والعجلة في التصرف عند الخطأ وتصديق الشائعات، مشددا على اهمية دور الاسرة والتربية والتعليم والاعلام في الحد من العنف ضد الاطفال. من جانب آخر قال القاضي بمحكمة القطيف الشيخ مطرف البشر ان المحاكم تأتيها قضايا تعنيف اطفال وفي الغالب مع الخلافات الزوجية نتيجة عناد الزوجين ويكون الاطفال هم الضحية لان عدم تقدير المسؤولية يترتب عليه العنف. وقال هناك قضايا اخرى تعدي وتحرش ضد الاطفال وغالبا تكون مرتبطة بالمخدرات مثل ان يتهم احدهم بالتحرش بابنته او بولده وبعد التحقيق والتتبع نجد ان المخدرات هي السبب فيتم سحب الاطفال لصالح الزوجة وربما يحكم عليه بالسجن على حسب تعديه وتجاوزه وجنايته هيئة خاصة لحماية المعنفين ويقول الاخصائي النفسي والاجتماعي عادل المالكي: يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة في مراقبة الأطفال داعيا الى تسهيل الاتصال بالجهات المختصة في حالة تعرض احد الاطفال للايذاء وانزال العقوبات الصارمة على المتسببين. واضاف المالكي: مرحلة الطفولة مرحلة احساس مرهف والطفل لاينساها حتى المشيب وبالتالي تؤثر على سلوكه في الكبر وتعاملاته مع الاخرين. ولذالك نجد اكثر المعنفين هم من عانوا في طفولتهم. وطالب المالكي الجهات المختصة والمعنية بانشاء هيئة خاصة لحماية الاطفال المعنفين. انشاء مراكز حماية للطفل وقال مصدر مسؤول في برنامج الأمان الأسري الوطني، ان البرنامج يهدف إلى الانتهاء من 3 مراحل هي إنشاء مراكز حماية للطفل في جميع القطاعات الصحية، وإنشاء سجل وطني إلكتروني لتسجيل حالات إساءة معاملة الأطفال الواردة للقطاع الصحي وربطها بمركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، كما يعمل البرنامج في مرحلة عمله الثالثة على التعاون مع لجان الحماية الاجتماعية وربطها بمراكز حماية الطفل في القطاع الصحي ولجان الحماية الاجتماعية وذلك بهدف إدخال المعلومات الوافية عن جميع حالات إيذاء الأطفال في القطاع الصحي. واشار الى تسجيل 15 حالة عنف أسري ضد الأطفال في المملكة عام 2010، وأن 80% من حالات وفاة الأطفال المعنفين نجمت عن إصابات في رؤوس المتوفين ويظهر سبب الوفاة عند الفحص الأولي توقف في التنفس، بينما تظهر الفحوصات الدقيقة تمزقا في المخ، ونزيفًا داخليا ينتج عن الخض والهز العنيف للطفل. ويبين التقرير السنوي للسجل الوطني عن برنامج الأمان الوطني إحصائيات دقيقة لكل حالات تعنيف الصغار التي تم تسجيلها بين عامي 2009 و2010، وضمنها حالات إساءة معاملة الأطفال في القطاع الصحي. ودعا المتخصصين إلى التدقيق في الأسباب الحقيقية لإصابات الرأس والكسور لدى الأطفال، حين يزعم ذووهم أنها ناتجة عن السقوط من السرير أو الدرج، قائلة إن عددا من حالات العنف ضد الأطفال انتهت إلى قضايا جنائية. وسخر التقرير من تبرير الآباء المعنفين لكسور الجسد، وإصابات الرأس لأطفالهم، لدى الإتيان بهم إلى المستشفيات، داعيا المتخصصين إلى البحث وراء الأسباب الخفية في إصابات الأطفال. وقالت الاخصائية الاجتماعية الهنوف الدوسري أن تنصل الآباء من تربية الأبناء يتسبب في نشأة أبناء غير أسوياء، وسمت هذا التصرف تجاه الأبناء بالعنف الصامت والذي تراه أكثر عنفا من العنف الجسدي، مبينة أن غياب وعي السيدات عن حقوقهن وحقوق أطفالهن أهم أسباب انتهاك الآباء لهذه الحقوق. واضافت أن الكثير من أفراد المجتمع يعرفون العنف ضد الأطفال بالضرب والاعتداء فقط، ولا يرون أن الإهمال من أسوأ أنواع العنف النفسي الموجه ضد الأطفال، مؤكدة أن تهرب الآباء من تربية الأبناء يندرج تحت بند الإهمال وهو نوع من أنواع العنف النفسي. وبينت أن حرمان الأبناء من الهوية إحدى وسائل العنف ضد الأبناء، مشيرة الى ان ذلك يعنى حرمانهم من التعليم وبناء مستقبل مشرق نتيجة إهمالهم وعنادهم للأم أو تهرب من المسؤولية، وترى أيضا أن الكثير من الآباء يترفعون عن مشاركة الأبناء في استذكار دروسهم، ولا يرون أن هذا التصرف إهمال حقيقي لأبنائهم، ويجمع العديد من المختصين على إدراج قضية إهمال الآباء لتربية الأبناء تحت مسمى العنف النفسي الموجه ضدهم.. وأكد الباحثون أن الحالات المسجلة في حقوق الإنسان والمحاكم لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من الأطفال المهمشين والمعرضين للإهمال من قبل آبائهم، بيد أن الواقع يرصد أعدادا هائلة من هذه الحالات داخل المجتمع. وقالت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن قضايا إهمال الآباء للأبناء من أكثر القضايا التي ترد للفروع بالمناطق مبينة أن هذه الفئة من الآباء مثال غير جيد شرعا ولا نظاما بسبب تخليهم عن المسؤوليات الأساسية والشرعية تجاه الأبناء سواء فيما يتعلق بالتربية والنفقة والرعاية والاهتمام. وأوضحت أن أكبر عدد من هذه القضايا يتعلق بالحرمان من النفقة والمال أو الاتجاه للمخدرات وعدم العناية بالنواحي القانونية للأبناء كاستخراج شهادة ميلاد وإضافتهم في دفتر العائلة وتسجيلهم في مدارس، واكد أن هذه التصرفات تدخل تحت مظلة العنف ضد الأبناء، حيث إن للعنف أشكالا كثيرة منها العنف النفسي والجسدي والعنف الاقتصادي والعنف القانوني. وأكدت حقوق الانسان أن ضعف الوازع الديني أهم أسباب قضايا إهمال الآباء لأبنائهم. الشورى يرفع نظام العنف ضد الأطفال إلى المقام السامي أكد عضو مجلس الشورى الدكتور طلال بكري ان مجلس الشورى رفع لمقام خادم الحرمين الشريفين نظام العنف ضد الاطفال بعد الانتهاء من دراسته منذ اكثر من ثلاثة اشهر. وقال بكري في تصريح ل «المدينة» ان النظام يتضمن مواد عديدة تقضي بتجريم عمل الطفل في اعمال لا تليق به مثل المجالات العسكرية والتسول وغيرها، مشيرا الى ان هذا النظام يحفظ حقوق الطفل من حيث الهوية الوطنية والتعليم الالزامي وابعاده عن اماكن الخطر والوقوف ضد أي عنف الاطفال في الاسر. كما كشف عن دراسة حالية في مجلس الشورى لنظام الحماية من الايذاء، مشيرا الى ان الهدف من هذا النظام هو حماية الاسرة كاملة من الايذاء مهما كان سواء جسدي او جنسي او نفسي وغيرها. اليوسف: 17 لجنة لحماية المرأة والطفل.. وإحصاءات الأطفال المعنفين غير دقيقة أكد وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية الاجتماعية والأسرة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف أن الاحصائيات حول الاطفال المعنفين ما زالت غير دقيقة، مشيرًا إلى أن هناك خلطًا بين العنف والقضايا الجنائية وقضايا الطلاق والحضانة، ولذلك يحتاج الموضوع إلى دراسة من واقع إحصائيات دقيقة لمعرفة حجم المشكلة بتعاون جميع الأجهزة التي تتعامل مع الأطفال، ودعا الى مراعاة الإبلاغ عن حالات العنف ضد الأطفال وإيجاد آلية عمل ومهام تحدد لذلك. وقال ل «المدينة»: ترد إلينا بالوزارة بعض بلاغات العنف ضد الأطفال، ولكن معظم هذه البلاغات تكون مرتبطة بخلاف بين الزوجين على حضانة الأطفال، ولا تتعلق بعنف حقيقي مباشر على الطفل وبذلك تُحل معظم هذه الخلافات عن طريق القضاء، فإذا لم يثبت العنف بتقارير طبية فلا نستطيع إحصاء كل ما يرد على أنه حالة عنف ويحتاج ذلك إلى مزيد من التدقيق والملاحظة. وعن طريقة معالجة حالات العنف ضد الأطفال بعد ظهورها. قال اليوسف تقوم الوزارة والجهات المشاركة بجهود حثيثة للتصدي لظاهرة العنف بصفة عامة ضد المرأة والطفل وذلك من خلال تأسيس إدارة عامة للحماية الاجتماعية يتبعها (17) لجنة حماية اجتماعية بالمناطق والمحافظات، كما ان لديها مركز تلقي البلاغات ضد العنف يعمل بواقع (16) ساعة يوميًّا. وعن التنسيق بين الشؤون الاجتماعية وجهات أخرى أكد اليوسف أنّ الوزارة تقوم بالتنسيق مع كافة الجهات المهتمة بقضايا العنف الأسري بصفة عامة وقضايا العنف ضد الأطفال بصفة خاصة سواء كانت جهات حكومية أو أهلية ومن هذه الجهات إمارات المناطق وعدد من الوزارات ومركز الأمان الأسري الوطني، هيئة حقوق الإنسان، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وكذلك المستشفيات التي يردها حالات يتضح عليها وجود عنف حيث يتم الإبلاغ عن هذه الحالات وتقوم الوزارة بعمل الإجراء اللازم عليها.