يظل التراث دائما لغة الشعوب الناطقة عن أحوالهم وأمجادهم الماضية والخالدة ويبقى موروثهم الثقافي والأدبي عبر أزمنة التاريخ تتناقله الأجيال بكل فخر واعتزاز ليضيء لهم عتمات ماضيهم ويدون تاريخ أسلافهم المجيد عبر ردهات الزمن. فلا تعرف الشعوب ولا تبقى في ذاكرة الزمن إلا بما حفظ من موروثها الأدبي والثقافي العريق. المتاحف الوطنية والخاصة خير من يحفظ هذا التاريخ من الاندثار ويوثق تاريخ ثقافاتنا كأحد الشواهد الراسخة وأهم القنوات والروافد الثقافية والمصادر التراثية التي تضم الكثير من المقتنيات الوطنية والشعبية من أسلحة قديمة وملابس وحلي وأدوات زراعية وأواني تراثية متنوعة ونادرة. متحف الكناني الدولي في مدينة تبوك أحد تلك المتاحف التراثية، أشاد به أمير منطقة تبوك وأعجب به كل من زاره فهو حقا خلاصة جهد ونتاج عمل دؤوب وتفان وصبر على عناء البحث المضني في جميع ما يحويه من مقتنيات تراثية وتاريخية لا يقوم بها إلا من كان عاشق للتراث والتاريخ ممن أوجد له هذا البحث والتقصي حالة من العشق بين جمع التراث وتوثيقه وبين هذه المعطيات التراثية الخالدة، وبالتالي فإن مثل هذه الثقافة لابد أن تنعكس على حياته الريفية المفتونة بحب الوطن وتاريخ تراثه، فبدا ذلك واضحا عندما نمت لديه هذه الهواية وظهرت للعيان من خلال متحفه التراثي ومنجزه الثقافي المحمل بكل مقتنيات الموروث الموثق والمتوغل في أعماق الزمن ليعرفنا بمفردات تراثنا ويؤكد لنا ما نتناقله دائما بأن (الموروث الشعبي كنز ومعين لا ينضب) وليبقى وسيلة حية ومؤثرة في تجربة انطلقت من رؤية واعية تهتم بماضي الأجداد وتسعى لحفظه وإبرازه أمام المجتمعات والشعوب الأخرى وتفعيل وجوده لنستشف من عبق ماضينا المجيد ما يمكننا أن نصله بيمن حاضرنا الزاهر فيبقى نبراسا مضيئا وتاريخا عريقا تتناقله الأجيال عبر مسافات الزمن. محمد الذيب الباحة