اختلطت دموع فرح السعوديين بالوصول إلى مطار الملك عبدالعزيز في جدة فجر أمس بدموع الحزن على الأوضاع التي تعيشها تونس، تلك التي عاشوا فيها سنوات طوال. وتركت المشاهدات في صالة المطار أثناء مراسم استقبال بعض الأسر لأقاربهم، أثرا في نفوس موظفي المطار والقادمين من بلدان أخرى. وما أن حطت الرحلة رقم (366) على مدرج مطار الملك عبدالعزيز وعلى متنها 287 مواطنة ومواطنا، حتى علت صيحات الفرح في الصالة الداخلية تعبيرا عن الفرحة بعودة الرعايا السعوديين في تونس، الذين كان من بينهم نساء ورجال وأطفال. تواترت دقائق اللقاء مؤثرة بين العائدين ومستقبليهم خاصة الأطفال الذين احتضنوا أقاربهم بعد أيام من الخوف والهلع. وكانت العبارات التي يرددها العائدين «نحمد الله وصلنا إلى بلادنا سالمين». تقول المواطنة سارة العتيبي التي تعمل في سفارة المملكة في تونس بأن الوضع مؤسف جدا ومخيف، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، ووصفت الوضع بالمأساوي نتيجة الخوف، وأوضحت بأنها كانت برفقة زوجها الذي يعمل أيضا في السفارة وعادت إلى المملكة برفقة ابنها، بينما بقي زوجها في تونس. ورفضت سارة الحديث عن الوضع السياسي في تونس، وثمنت الجهود الكبيرة التي بذلتها السفارة السعودية لتسهيل إجراءات عودة الرعايا السعوديين وتقديم كل ما من شأنه عودتهم إلى حضن الوطن سالمين. من جانبه، قال المواطن ماجد العمار من منسوبي المؤسسة العامة لتحلية المياه في منطقة الرياض، بأنه سافر إلى تونس الأسبوع الماضي وبالتحديد الخميس برفقة خمسة من زملائه لحضور دورة تدريبية في مجال العمل لمدة خمسة أيام في مدينة قامارت، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن تبدأ الأحد الماضي، وأضاف أنهم ما أن وصلوا إلى تونس حتى شاهدوا الفوضى والمظاهرات تعم الشوارع، وقال بأنهم اتصلوا على الفور بالسفارة السعودية التي كانت على علم مسبق بوصولهم، وأشار العمار إلى أن السفارة أنهت وبشكل سريع إجراءات عودتهم إلى المملكة. وحاولنا الحديث مع الطفل فيصل ابن الموظف في السفارة السعودية خالد الزهراني، وهو طالب في الصف الثالث الإبتدائي وصل على نفس الرحلة، لكنه لم تسعفه الكلمات من فرحة الوصول للمملكة. لكن والدته التي كانت برفقته، قالت «نحمد الله على وصولنا للمملكة، ونتمنى أن تنتهي هذه المشكلة على خير، إذ مرت الأحداث بخير والأمور في أمن وأمان وتحسن عن الأيام الماضية. لقد وصلنا للمطار في حراسة مشددة ومتابعة دقيقة من المسؤولين في السفارة السعودية». ويوضح الطالب محمد القحطاني بأن والده يعمل في السفارة وهو ذهب للدراسة مع والده حيث وصل إلى تونس قبل أربعة أشهر كأول سنة له في تونس وكانوا يسمعون طلقات الأعيرة النارية والرصاص في الجو، فالوضع في تونس محرجا جدا، على حد قوله. وأشار إلى أن حظر التجول ليلا بدأ قبل أسبوع تقريبا خاصة في الفترة المسائية من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحا. الكل كان يمكث في منزله وكنا نتابع الأحداث عن قرب لأننا نسكن بالقرب من السفارة، مبينا أنه توجد كثافة أمنية وحراسة مشددة بجوار السفارة السعودية بالإضافة لتواجد العديد من الدبابات. وكنا نسمع أصوات طلقات الرصاص من المنازل في أوقات متفرقة. ويفيد سعد العايش من الشؤون الاقتصادية في سفارة خادم الحرمين الشريفين في تونس بأن الإخوة في الخطوط السعودية في تونس لم يدخروا جهدا في سبيل تسهيل كل ما من شأنه من أجل سفرنا ووصولنا للمملكة ولله الحمد، مبينا بأن الرحلة تأخرت عن موعد إقلاعها حوالي ساعة وهذا شيء طبيعي، المطار كان مزدحما بالركاب والمسافرين فالكل كان يرغب في السفر إلى بلاده لذلك التأخير خارج عن إرادة موظفي الخطوط السعودية، ولكن الترتيبات والتنسيق كان لها دور في إقلاع الطائرة. ويوضح المواطن إبراهيم النمري لقد وجدنا كل عون ومساعدة من السفير السعودي في تونس عبدالله بن معمر، وكذلك من كل القائمين على خدمة الرعايا السعوديين في تونس، مبينا أن الوضع في الأيام الثلاثة الماضية كان مخيفا ولا يطاق، ولكنه الأن بدأ في التحسن.