كنت أعتقده تقريرا مسليا عندما نشرت إحدى القنوات الإخبارية مشهدا لعشرات الطباخين، بعد أن أعدوا لسكان العاصمة أطول سندوتش مكسيكي عملاق، متجاوزين بذلك الرقم القياسي لجينيس. عادت بي الذاكرة إلى ما قبل أسبوع من تاريخه، إذ اندلعت مظاهرة في إحدى الدول العربية على أثر حرق شاب نفسه احتجاجا ضد البطالة، ومن بعد ذلك خرج الناس متدافعين في مظاهرة، فيما حمل الكثير منهم بين يديه وفوق رأسه خبزا. قلت لنفسي هو ذا صراخ المحتاجين إلى عمل وإلى أمن وظيفي وإلى استقرار وإلى بيوت وإلى أمن اجتماعي، فالخبز لا يكذب. عادت بي الذاكرة لاحقا إلى قصة القس سيمون آثار، فقد ترك هذا الرجل الواقع الكنسي من الداخل، واتجه إلى الاهتمام بالخبز كتابة ووعظا وتبشيرا. لقد كان يؤمن أن انعدام الخبز يهز العالم، وكان يعتبر الجوع وقودا يغذي الفوضى ويشعل المظاهرات. هذا الرجل لا يزال على قيد الحياة، حيث دأب على إسداء النصح للقادة وحث صانعي القرار على العمل ضد الجوع. تقدم إلى الرعوية للحصول على إجازة حرة، واستغل وقته وألف كتابا يتناول فيه كيف بدأ وتطور الخبز للعالم.. تخصص لاحقا في البحث عن الجوع، ورأى أن مساعدة الحكومات للفقراء والمعدمين توفر إجراءات المواجهة والتحقيق والإيقاف، كما أن منح فرص العيش للناس يقطع كل احتمال ممكن للمشاكل، بما في ذلك الاعتصام والاضراب. لقد كان محظوظا، فسرعان ما أصبح رئيسا فخريا لجمعية الخبز.. ولاحقا ألف كتابا اسمه الخبز للعالم، وفاز الكتاب بأفضل جائزة قومية دينية في أمريكا. طمع الرجل وألف كتابا آخر يتناول صرخات المواطنين ضد الجوع. قلت لنفسي إذا كانت حلول المشاكل في نواحٍ من العالم تعتمد على الصراخ، فكيف يمكن توفير آذان تسمع أن هناك بشرا يصرخون من عدمه.. لقد حرق الشاب نفسه لأنه أراد أن يراه العالم يحترق في الهواء الطلق، بعد أن تأكد أنه لا أحد يسمع. لقد مات وهو على يقين أنه لا يكذب.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة