اعترف ل «عكاظ» مدير عام الدفاع المدني في محافظة جدة اللواء محمد الغامدي بوجود مواطنين يعيشون في مجاري سيول المراكز التابعة لمحافظة جدة مثل خليص، ثول، وذهبان. وأكد الغامدي أن اختيار السكان للعيش في هذه المناطق تسبب في السنوات السابقة بكوارث بشرية ومادية كما هو مسجل لدى احصائيات مديرية الدفاع المدني، داعيا قاطني تلك الأودية إلى الابتعاد نحو أماكن أكثر أمنا على حياتهم وممتلكاتهم، وخصوصا في أجواء الطقس الحالية وما تشهده من تقلبات. وردا على سؤال من سمح ببناء هذه المناطق، اكتفى اللواء الغامدي بالقول إن الأوامر والتعليمات وقواعد السلامة واضحة في عدم السماح بالبناء أو السكن أو العيش في بطون الأودية وفي مجاري السيول لخطورتها على ساكنيها. وأشار مدير الدفاع المدني إلى أن التقلبات الكبيرة في الأحوال الجوية وغير المتوقعة تسببت بهطول الأمطار في جدة وأدت إلى مقتل الكثير من الأشخاص. وكشفت جولة «عكاظ» أمس على مجاري السيول في مراكز خليص وثول وذهبان التابعة لمحافظة جدة عن وجود مخططات سكنية عشوائية ومزارع ومبان حكومية وسكن شركات وغيرها من المشاريع التي اتخذت من تلك المنطقة مواقع لها. وبدأت الجولة من الأودية التي تصب في محافظة جدة مثل (البريكة، النجدية، الظبية، الجمعة، المخمرة، ووادي صاروت)، والتي تنطلق من جبال المدينةالمنورة وتتخلل محافظات ومراكز منطقة مكةالمكرمة حتى تصل إلى البحر الأحمر عبر المراكز البحرية كخليص، رابغ، ثول، ذهبان، بالإضافة إلى جدة. وأكد ل «عكاظ» عدد من كبار السن في تلك المناطق أن السيول التي هطلت أخيرا على محافظة جدة والمراكز التابعة لها، حركت جميع مجاري الأودية وأنعشت المزارع التي أهملها أصحابها لسنوات بسبب الجفاف، مبينين أن مثل هذا المطر لم يتكرر منذ نحو 40 سنة. وأجمعوا في الوقت نفسه على أن تدفق المياه ساهم في إضرار جميع السكان الذين اتخذوا من مجاري وبطون تلك السيول مساكن لهم ولأسرهم. ويؤكد سعد المولد (من سكان ثول) أن جميع مجاري السيول التي تصب في مركزهم يسكنها مواطنون وعليها مشاريع حكومية وخاصة، كما أن بعض مجاري السيول التي خصصتها الأمانة لتصريف المياه إلى البحر أغلقت نتيجة الإهمال طيلة السنوات الماضية وتحتاج إلى إعادة بناء. وقال إن الأمطار التي هطلت على ثول جعل أصحاب المزارع في مجاري السيول يعيدون بناءها والسكن فيها بدلا من زراعتها والاستفادة من خيراتها، مطالبا الأمانة بإعادة النظر في مشاريع تصريف السيول التي أهملتها على مر السنين وإعادة تخطيط الأماكن السكنية بما يتناسب مع طبيعة الأودية وحركة سيرها، واصفا بناء المشاريع في بطون الأودية ومجاري السيول بأنه خطر ولا بد من معالجته. وطالب المولد باستكمال دوائر حكومية في مركز ثول وبنائها بشكل منظم، بعيدا عن مجاري السيول. ويقول أحمد الصالحي إنه يمتلك عددا من المزارع في مجاري سيول مراكز خليص وثول وذهبان ورابغ، وإنه بدأ يفكر بزراعتها «لكثرة مياه الأمطار هذه الأيام» وأكد أن أغلب مجاري تلك السيول مزروعة بالخضراوات والأشجار، فيما بنى مواطنون مزارعهم وسكنوا فيها خلال السنوات الماضية، كما أنشأت جهات حكومية وشركات خاصة مباني لها، نتيجة قلة الأمطار خلال السنوات الماضية، معتقدين أنهم في مأمن وأن الأمطار لن تهطل في تلك المناطق مجددا. ووصف الصالحي مجاري السيول بأنها «مشاريع مهملة»، على مر السنوات الماضية، إذ كشف عن انسدادها وتغيرات سطحية فيها، نتيجة إهمال البلديات لها، مؤكدا أنه في حال هطلت المزيد من الأمطار «فستقع كارثة على ساكني تلك المجاري وحتى المجاورين لها». بدوره، قال عبد الرحمن الجحدلي (من سكان ثول)، إن الأودية التي كان من المفترض أن تصب في البحر، تحولت بفعل إغلاقها نتيجة الإهمال إلى المناطق المجاورة ما تسبب في وقوع كوارث حقيقية لسكان تلك المجاري، مشيرا إلى وجود مشاريع ومخططات سكنية ومبان على مجاري السيول قائمة وأخرى قيد الإنشاء وهي مرخصة من جهات مسؤولة، ما يجعل الوضع والحال هذا مشكلة، إذ لو تدفقت تلك السيول بفعل الأمطار فإن المياه ستتسرب على الطرقات والمساكن القريبة وتحدث الكارثة. ويتذكر الجحدلي آخر سيل تدفق في المنطقة قبل 35 سنة، إذ تسبب في خسائر مادية في الممتلكات لعدم وجود تصريف للمياه، مشيرا إلى أن الجهات الحكومية تدخلت في حينها لتقديم المساعدة وإنقاذ المتضررين وبناء مجار للسيول (القائمة حاليا)، لكن إهمالها تسبب في انسدادها وردم بعض مناطق المجاري ما أدى إلى وقوع كارثة أخرى بسبب تغير حركة مجرى السيل. وكشف الجحدلي عن وجود مشاريع حكومية حيوية في بطون مجاري السيول قائمة، مشيرا إلى خطورة موقفها في حال سالت الأودية، إذ يوجد فيها مساكن للعمال والموظفين وهم يمارسون فيها حياتهم العادية. وطالب الجحدلي بإزالة معوقات السيول التي تتجه إلى البحر، كي لا تقع كارثة جديدة، في إشارة إلى ما حدث في محافظة جدة الشهر أخيرا والذي تسبب في مقتل الكثير من السكان ووقوع خسائر مادية كبيرة.