لا أعلم كم نحتاج من الوقت لاستيعاب أن المجتمع يقف على بعد خطوات من «مقصلة» الأمراض المزمنة التي تقودنا بكامل إرادتنا إلى شفير الموت، والمزعج فعليا هنا ليس في شيوع أشكال الإصابة بالسمنة أو السكري أو الضغط، وإنما في السلوك الاجتماعي المصاحب لها الذي جعل من تلك الأمراض «إمعانا» في اللا مبالاة، ودونكم أدق مشهد حينما تتعالى أصوات «اليمين المغلظ» والحلف بالطلاق ونظرات «العيب» المصحوبة ب «أفاااا» لمجرد أن تمتنع عن الدخول في معركة ذات «الملاعق» على شرف صحون المندي والمفاطيح في وليمة بسبب احتجابك وحميتك، فتشعر أن حديثك «العقلي» ليس له موقع مع الأجساد المترهلة من سمنتها المفرطة والأيدي التي «تقطر» دسما وزيتا، ولا تعترف إلا بشعار المنادي: اضرب بخمسك لا تأكل بملعقة. هل نحن فخورون بصفتنا من أكثر الدول إصابة بالسمنة والسكري؟، إن كنا «مثاليين» فسنتشدق قائلين: لا، لكن واقعنا يقول «ما جبنا خبر»، فرغما عن الأرقام المخيفة جدا بأن كل 3 أشخاص بينهم مريض بالسكر، وأكثر من نصف المجتمع مصاب بالسمنة لم نشاهد أي تحرك «استباقي»، وجميع التحركات تركز على الجانب العلاجي فقط لا غير ولكن بعد خراب مالطا، وكل تحركاتنا المكثفة تأتي بشكل «احتفائي» في الأيام العالمية للتبرع بالأعضاء والسكري والفشل الكلوي.. وكأن الأمر أصبح سيانا على مجتمعنا، دون حملات توعوية تشترك فيها جميع الجهات ذات العلاقة، تبدأ من المقاعد المدرسية لأطفالنا، وتنتهي بشيباننا في روضات المساجد، تركز على مسألتين: سلوكنا الغذائي وممارستنا الاجتماعية، وتلخص النتيجة لأفراد المجتمع بأنه عند الاقتراب من المقصلة ستقولون «ليت.. وهل تنفع شيئا ليت؟». توقفوا عند واحد من مطاعم «الفاست فود»، وشاهدوا الشريحة العمرية التي ترتاده وهي تطحن في المعدلات العالية من السعرات الحرارية، وحسبكم أن كيسا من «البطاطا المقلية» يحوي كل واحد منها على 10 سعرات حرارية، وعلى فرضية اختيارهم لوجبة «السوبر سوبر سايز» فإن البطاطا لوحدها ستغرقهم في أقل من ساعة بأكثر من 400 سعرة!. طبعا، نحن هنا نصمت وندفع، لكن شاهدوا الحملات التي تشن على مطاعم الفاست فود في أمريكا، وإجبارهم على ممارسة التوعية الصحية بإبراز محتوى الوجبات للزبائن واتهامهم بالإساءة إلى النظام الصحي. أما بناتنا، فحدث ولا حرج.. حالة «كمون» ومشروع تسمين.. وإن كان رجالنا يعتبرون مصطلح «الرياضة» دخيلا عليهم، فكيف الحال بنسائنا. باختصار: المقصلة تسن حدها لكل نائم بالعسل والسمن والدسم، مقابل تندرنا بالنداء الشهير «يا دب». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة