أحيانا حين تكون متابعا لحوار ما دون أن تدخل طرفا فيه، يجعلك ترى الأمور بوضوح أكثر مما لو كنت أنت من يخوض هذا الحوار، حدث هذا وأنا أتابع حوارا بين صديقين مسلم وبوذي عمل في السعودية 20 عاما، لهذا هو يجيد العربية. بدأ الحوار أشبه بحوار الأديان، وسأل المسلم البوذي: كيف تعبد تمثالا، لن ينفعك؟ حاول البوذي شرح فكرة صلاته وأنها لا تتجه للتمثال، حين قرأ ابتسامة السخرية على وجه صديقه المسلم، شن هجومه عليه وسأله: لماذا أنت تعبد الكعبة، أليست حجرا أيضا؟ فبدأ المسلم يشرح له أن فريضة الحج هي لله عز وجل، وأنه لا يعبد الكعبة ولا يصلي لها، وأن البوذي لن يفهم أبدا الحج ما لم يؤمن بالإسلام، فرد عليه البوذي بنفس الحجة، وانتهى بهما الحوار إلى أن يكف كل منهما عن التدخل في معتقد الآخر إن أرادا لصداقتهما أن تستمر. هذا الحوار الذي لم أكن طرفا فيه، جعل الأمور أكثر وضوحا، أو ربما هو أجاب على سؤال كنت أطرحه دائما: لماذا فشلت كل حوارات الأديان السابقة؟ إن حوار الأديان المنطلق من المعتقدات هو في النهاية سيؤول إلى الفشل، فالمسلم والمسيحي لا يمكن لهما أن يصلا لحل في مسألة «الصلب»، فالمسيحي الذي لا يؤمن بالصلب هو لم يعد مسيحيا، كذلك المسلم سيضرب معتقده إن تقبل فكرة الصلب. من هذا المنظور يمكن القول: إن ما نحتاجه في حوار الأديان، أن ينطلق من التشريعي، فالأديان السماوية والوضعية بأكملها تدفع أتباعها إلى تحقيق العدل، فكيف يمكن وضع قوانين عادلة تنصف الجميع ليعيش هذا العالم بسلام؟ ينطبق هذا الأمر على الدين الواحد وحوار المذاهب، فهي ستفشل وتدخل أصحاب المذاهب في حروب حين تنطلق من المعتقد، وستنجح إن قامت على التشريعي أو تحقيق العدل. فالمجتمعات تحتاج للعدل لتزدهر وتنمو وتتطور أكثر من حاجتها لمعتقد أو مذهب واحد، فلكل إنسان معتقده أو مذهبه أو رؤيته الخاصة في مسألة ما بعد الحياة، فيما الإنسان يحتاج للمعتقد للمذهب ليطمئن قلبه. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة