اعتدنا عند غروب شمس عام رحل واستقبال بزوغ عام جديد أن نتبادل التهنئة احتفالا، ولكن ألا يستحق الحدث أن نقف لحظة تأمل يضيء فيها وميض تذكير أن ما رحل ما هو إلا عمرنا ولحظاته أنفاسنا. أليس صفحة من صفحات كتاب الحياة تطوى لتفتح صفحة جديدة؟ فكم صفحة بقيت لينتهي الكتاب؟. ألا نتذكر أن كل عام هو نقص من رصيد أعمارنا؟. ماذا أودعنا عامنا المنصرم؟ وما حالنا تجاه ما أودعناه؟. وماذا سنخط في صفحة العام الجديد البيضاء؟. أنجد السير نحو العام الجديد دون أن نلتفت للوراء متناسين ما مضى، لا يشغلنا التفكير فيما ارتكبنا من الأخطاء وما ضاع منا وخسرناه؟ فنعيش اليوم كالأمس والغد كما قال ابن الجوزي: (رأيت العادات غلبت الناس في تضييع الزمن). لعمري إن محاسبة النفس وإن كانت مطلبا في كل الأوقات فهي في بعض المناسبات آكد قال عمر رضي الله عنه : (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا). فهل من وقفة تشمل التوبة النصوح والإقلاع عن الذنوب وتدارك ما فات من التفريط في الطاعات واغتنام الأوقات والعودة إلى جادة الطريق، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ما ندمت على شيء مثل ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي). فنتلافى ما بدر منا من أخطاء ونستشعر أهمية التخطيط والبعد عن العشوائية والتسويف والحياة كيفما (اتفق) دون أن نهتدي بهدف نصل من خلاله إلى قيمة وجودنا في الحياة. يحدنا تفاؤل وأمل بقادم أجمل بتوفيق الله ثم بعزمنا الصادق على تجاوز السلبيات والاستزادة من الإيجابيات. تدعمنا رغبة صادقة تترجمها عزيمة العمل الجاد الطموح في العطاء والإبداع والتطوير والابتكار وتنظيم أسلوب الحياة والإفادة من مقومات النجاح المتاح وحرصنا على أن نعيش لغيرنا بذلا لأمتنا لرقي وطننا لا لأنفسنا، متحررين من (الأنا) التي تقيدنا، مقدمين المصلحة العامة على الخاصة، مستشرفين عاما مزدهرا بالإنجازات والتطلعات والآمال. لطيفة إبراهيم الأحمدي جدة