المنشدون السعوديون لم يأتوا من معاهد الفنون، بل جاؤوا من عباءة الفكر الجهادي المتشدد بأنواعه في محاولة للمؤدلجين لخلق إعلام جماهيري مساند لهم يكون خاليا من دسم الآلة الموسيقية، ويكون قادرا على تعبئة الجماهير عاطفيا لغرضهم الإعلامي. هنا برز ممثلون، ومغنون بأصوات رائعة لشباب أسموا أنفسهم (المنشدين)، مع أن الإنشاد في الأصل تقليد كنسي وليس في الإسلام السلفي، ابتدع في أزمنة متأخرة ويمكن أن نقسم هؤلاء إلى ثلاث فئات: إحداها فئة وهم نهامة (كورال) بدون فن يذكر، وفئة «المنلوجست»، وهم المرفهون خفيفو الظل، ومضحكوها (مهرجون، وأصحاب سماجات)، وفي الأغلب فهذه الفئة الثانية لا يكون الصوت في الغناء مهما لها، فهي تغني، وتمثل بشكل عشوائي للإضحاك والترفيه عن الجماعة، وتخلط الأمور بين الوعظ والتهريج، والفئة الثالثة وهي التي تهمني هنا هي الفئة الأقرب إلى فن الغناء الراقي المعروف، ولديها حس فني موسيقي، وتجيد النغم، وتعتني بالغناء على مقامات الفن الموسيقي بدون نشاز. الفئة الأخيرة المهتمة بالجوانب الموسيقية من شباب الصحوة تعاني مشكلة في انحسار الغرض التعبوي للصحوة، أو التطرف إن شئت، فهي غنت باقتدار، وعرفت أهمية النغم الصحيح من خلال عملها مع محترفين في استديوهات الغناء، وتريد الخروج من قمقم التشدد لمزيد من الغناء المنفتح، وقد لجأ بعضهم إلى إعادة أغان للفنانين المعروفين بالصوت، والمؤثرات دون استخدام الآلة. المنشدون في المملكة بدؤوا من عباءة التدين، وبعضهم معتدل، لا يدعم التشدد، وهم يحيون الحفلات الاجتماعية في المناسبات، والأفراح، وهم بذلك يرضون البعض بابتعادهم عن الآلة الموسيقية وإن اضطروا «لموسقة» الصوت، وهم يعلمون الآن بأن ما يفعلونه هو نوع من الموسيقى، وقد أحلوا لأنفسهم هذا الإنشاد «المموسق» بدون آلة، وبعض هؤلاء لديهم موهبة في الصوت لا يصل إليها كثيرون من فناني الساحة الفنية الغنائية مما دعاني للكتابة عنهم لعل وزارة الثقافة والإعلام تعطيهم دورا في التنمية الثقافية للفن السعودي.. هذه الحيرة لدى كثيرين من المنشدين الشباب المنفتحين، والذين بدؤوا يخرجون من عالم التشدد فذلك ينبئ بقدوم عدد كبير من الشباب الموهوبين للساحة الفنية، وسوف يكون بعضهم إضافة للغناء، والمسرح والتمثيل، والمهم هو فتح الباب لهم عبر القنوات الرسمية، واستقطابهم للعمل فيما يثري ثقافة الوطن. رغم قناعتي التامة بفتوى متواترة من علماء كبار بجواز سماع الموسيقى فإني لا أجادل من يرفض سماعها فهو خيار شخصي، ويكتفي بسماع ما يسمونه بالإنشاد على أن لا تكون هذه الأناشيد من ثقافة التشدد والعنف بل تكون من أشعار توجيهية وغنائية من الكلام العذري بحيث لا تحوي الوصفيات المثيرة للغرائز، وبهذا أعتقد أن المنشدين، والمنشدات من الشباب، وهم من أجمل الأصوات التي خلقها الله، يستطيعون أن يجدوا مخرجا لأعمالهم وهي أعمال تدر على بعضهم الرزق الحلال، وترفه عن الناس بما يرغبون. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة