عادة العامة تسيطر عليهم مشكلاتهم الخاصة، لهذا حين يكتب كاتب ما عن قضية ما لا تهم بعض العامة، يأتي ليهاجم الكاتب «متفها" القضية التي يتناولها الكاتب، ومسائلا له «لماذا لا تطرق للمشكلة الفلانية» التي تهمه. وهذا الهجوم من العامة أتفهمه؛ لأن الإنسان البسيط بطبعه أناني ويريد حلا لمشكلته وربما حين تنتهي مشكلاته سيفكر بالآخرين. بيد أن من يقدمون أنفسهم على أنهم علماء ودكاترة تهمهم المصلحة العامة، حين يتبنون مثل هذا الطرح فهم ليسوا كالعامة ينقصهم الوعي بالمصلحة العامة، بقدر ما هي مصالح خاصة أو مكاسب كان يستفيد منها، لهذا لا يريد لهذه المكاسب أن تتوقف أو تنزع منه، لاعتقاده أنها ومع مرور الزمن أصبحت ملكية خاصة. للأسف أن مثل هذا الطرح يجد تقبلا لدى العامة؛ لأنه طرح يشبه تفكير العامة، والعامة لا ينتبهون أن القصد هنا استمرار الوضع على ما هو عليه، لتحقق تلك الفئة مزيدا من المكاسب. كتب الشيخ سليمان الدويش يتساءل: «هناك مؤسسات وشركات لم تلتزم بالسعودة وأن بعض الصحف يكتب فيها أجانب، وسيارات الليموزين لم تتم السعودة بها ووو إلخ، فلماذا تتم سعودة مدارس التحفيظ؟ ومثل هذا الطرح سيجد مؤيدين كثرا؛ لأننا مجتمع بطبعنا نقدس القرآن الكريم، ولكن هل ثمة فرق بين مدارس تحفيظ القرآن وبين الشركات والمؤسسات؟ كلاهم قائم على استقدام العمالة الأجنبية الأرخص، لتحقيق أرباح أكثر، فأغلب المجتمع يتبرع لجمعيات تحفيظ القرآن لقيمة القرآن الكريم بالنسبة لنا كمجتمع، والعاملون على المدارس لا يريدون رفع رواتب الموظفين، وبالتأكيد لن يقبل المواطن العمل براتب 500 ريال، فيتم إحضار العمالة الرخيصة لتحفيظ القرآن في الظاهر، ولتحقيق أرباح في الباطن. المحزن لو أن القرار بدأ في جهة أخرى كالشركات، سيجد رجال الأعمال دكاترة يهاجمون هذا القرار، وبنفس الطريقة، وسيقال: لماذا لا يتم البدء في مكان آخر؟ وهكذا في أي اتجاه سيتم الهجوم على القرار بحجة البدء في مكان آخر، وسيجد هذا الطرح مؤيدين؛ لأن العامة يفكرون بنفس الطريقة، فيما من يزعمون أنهم علماء ودكاترة وكتاب مقالات يستغلون هذا التفكير لإبقاء مكاسبهم أو تحقيق مصالحه هم وليس مصالح العامة الذين يئنون من البطالة، ولا أحد يسأل لماذا لا ترفع رواتب العاملين في مدارس تحفيظ القرآن ليتم استيعاب الجامعيين والجامعيات السعوديين العاطلين عن العمل؟ المحزن أكثر أن حيلة المتاجرة بالدين، هي حيلة قديمة، لكنها ورغم قدمها ما زالت تنطلي على الكثير. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة