لا شيء يحبطني أكثر من معاناة حاملي الماجستير وأساتذة كليات التقنية. هذا الإحباط ربما لأني اقتربت كثيرا منهم لدرجة أني شاهدت رسائل تثير الحنق والإحباط، وتجعل أي أستاذ منهم يذهب ولا يعود للوطن لأن لا أحد يكترث له. قبل عامين كتبت عن معاناة أحد الأساتذة، وكان يحب عمل دراسة عن الطاقة النووية والطاقة الشمسية، ويتمنى لو تتاح له الفرصة لتصبح هذه الدراسات بحوثا يحصل بها على درجة الدكتوراه، وأنه منذ سنوات هو يحاول جاهدا البحث عن طريقة لإيجاد بعثة، وكان دائما يصدم بقرار «لا حاجة لنا بمثل هذه الأمور». كتبت أيضا عن معاناة أستاذ آخر «عادل بن محمد غالب أحمد» ، حاصل على الماجستير، قدم طلبا للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، بأن يعطى إجازة استثنائية وبدون مرتب ليدرس الدكتوراه على حسابه الخاص، فجاء الرد من مدير عام مركز التطوير والتدريب الدكتور إبراهيم بن محمد بالرفض، أو كما قال في خطابه «آمل إشعار المذكور أن حاجة المؤسسة في التأهيل العالي مقتصرة على تأهيل الماجستير فقط وقد سبق إحاطتكم بذلك». فيما بعد وحين حصلت على بيان أسماء هيئة التدريس المتعاقدين غير السعوديين والذين ترغب المؤسسة في تجديد عقودهم للعام 1427ه 1428ه وهو نفس العام الذي رفض طلب الأستاذ «عادل»، وأنها جددت لحوالي 148 أستاذا غير سعودي يحملون شهادة الدكتوراه، تساءلت كيف أغلق الابتعاث لشهادة الدكتوراه، فيما المؤسسة تعاقدت مع 148 أستاذا حاصلا على شهادة الدكتوراه؟ إن قيل لنا: إن الدراسة في الكليات التقنية لا تحتاج لحاملي دكتوراه، سيأتي السؤال لماذا تم التعاقد مع كل هؤلاء الدكاترة الذين بالتأكيد عقودهم أعلى من عقود الحاصلين على الماجستير؟ أليس هذا إهدارا، وصرف مبالغ إضافية في أمور لا نحتاجها؟ أذكر أني قرأت في إحدى الصحف خطاب شكر أرسله وزير العمل لأستاذ كتب قصيدة مديح في المبنى الجديد لكلية التقنية في حائل، وكان الخطاب يثني على وطنية الشاعر المخلص، لكن لا أحد في الوزارة كتب «لعادل ولا حتى الله يوفقك». كتبت أسأل محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني الدكتور علي الغفيص بعد تصريحه الذي قال فيه : «إن همنا الأول نقل التقنية للسعودية ليصبح لدينا اكتفاء ذاتي» ، كيف يمكن تحقيق هذا، فيما الابتعاث محرم في المؤسسة؟ قلت : لا شيء يحبطني أكثر من معاناة أساتذة كليات التقنية، لأنهم يريدون الحصول على شهادة الدكتوراه في «النانو الهندسة الكهربائية التقنية الإلكترونية والميكانيكية الرياضيات الحاسب الآلي برمجيات .. إلخ» ، فيما الجامعات لدينا ماتزال تقبل رسائل دكتوراه في شعر المتنبي مع أن لدينا مئات الرسائل في شاعر مدح سيف الدولة من أجل منصب، وحين لم يحصل على المنصب ذمه. اليوم تعيدني رسالة من أستاذ آخر لنفس القضية رجاني ألا أنشر اسمه، وهذا يعني أنه خائف من العقاب، أليس أمرا مثيرا للإحباط أن تخاف لأنك تريد الحصول على شهادة دكتوراه في علوم تطبيقية. تنويه: ثمة قصة أستاذ آخر لم تكتمل بعد ذهب على حسابه لاستراليا، الدكتور المشرف على رسالته يحاول إقناعه بأن يبقى معه في استراليا ويدرس هناك، ليستفاد من علمه ربما أنشرها فيما بعد، لكني أنتظر عدد الدكاترة غير السعوديين الذين سيتم التعاقد معهم في العام الجديد. مرة أخرى .. أليس الأمر محبطا أن يؤخذ أبناء الوطن ليستفاد من علمهم في استراليا، فيما المؤسسة لدينا لا تستورد الدكاترة فقط، بل وتحرم الذهاب لتحصيل المعرفة ولو على حسابك وبدون مرتب، ويتم فصلك أو تضطر لتقديم استقالتك؟ S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة