صديقي .. بالأمس كنت قد أخبرتك أني أملك إجابة على سؤال «لماذا يفعلون ذلك؟»، وإنني سأجيب عنه اليوم إن لم يغرق السؤال، وها أنا أفي بوعدي. هل جربت مرة أن ذهبت لأي دائرة حكومية وقابلت موظفيها، وبدأت الحوار معهم من أول موظف يقف أسفل سلم الرواتب صعودا للأعلى؟ أنا فعلت هذا، وكان الحوار من أول السلم صعودا للأعلى متشابه حد التطابق الممل، فحين تسأل أول موظف يقف على سلم الرواتب: «لماذا كل هذه العشوائية المسببة للفساد الإداري والمالي، ولا شيء منظم في الإدارة؟» سيتفق معك أن لا شيء منظم، ثم يبدأ في رواية قصته، وأنه حاول أن يصلح الأمور، لكن رئيس قسمه يقف عائقا أمام اقتراحاته، وخوفا على المنصب يقرر رئيس القسم تهميش الموظف أو ركنه أو سحب الصلاحيات منه، أي كتم اقتراحاته حتى لا يزيحه الموظف الواقف أسفل السلم ويصعد درجة. حين تذهب لرئيس القسم، سيقول نفس ما قاله الموظف، وسيخبرك أنه يملك كل الحلول لمنع العشوائية والفساد الإداري والمالي والتسيب، وجعل الإدارة تعمل بشكل رائع، بيد أن مديره يخاف على منصبه لهذا لا يستمع له ويحجب صوته. وهكذا ستتكرر الإجابة وأنت تلتقي بالموظفين الواقفين على السلم الوظيفي صعودا لتصل إلى مدير الدائرة، الذي سيقول لك نفس الكلام المكرر مذ فتحت الحوار مع الموظف القابع أسفل السلم الوظيفي. سيخبرونك أيضا إن عرفوا أنك صحفي أو كاتب، أن ما قالوه ليس للنشر، وسيلحون عليك قائلين: «خلي الكلام هذا بيننا وبينك، رجاء لا تنشر ما قلناه». حين تستفسر عن الأسباب، ولماذا لا يريدون أن يصل صوتهم، ستأتي الإجابة متطابقة فأسفل السلم الوظيفي سيجيبك بنفس طريقة من في أعلى السلم، فجميع الموظفين سيقولون لك: «عندي أسرة أصرف عليها .. يا أخي نبغى نعيش». في البدء ستتعاطف مع هذه الإجابة، لأن من حق من في أول السلم وأسرته إلى آخر السلم وأسرته أن يعيشوا، بيد أنك حين تمعن التفكير سيتحول تعاطفك لحزن ثم لغضب، إذ تتذكر أن غرقى جدة العام الماضي وهذا العام، كانوا أيضا يودون أن يعيشوا، لكن لم يمنحهم الفساد الإداري والمالي الفرصة. هل على المواطن أن يموت؛ ليعيش من في أسفل وأعلى السلم الوظيفي يا صديقي؟ التوقيع: صديقك S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة