غيب الموت أمس أحد أقدم علماء العلوم الشرعية والمدرس في الحرم المكي سابقا محمد بن سليمان البسام عن عمر يناهز 91 عاما، ووري جثمانه في مقابر العدل. وأوضح منصور (النجل الأصغر للفقيد البسام) أن والده نقل للمستشفى الأربعاء الماضي بعد تأزم حالته الصحية، وكان آخر من زاره داخل المستشفى عدد من طلابه الذين لزموا دروسه منذ سنوات طويلة، مبينا أن والده فضل منع الزيارة بسبب عدم قدرته على استقبال الحضور وضعف صوته. وكان البسام راجع طوال الفترة الماضية كتاب التعليقات لعمدة الأحكام، وهو كتاب الحافظ عبدالغني المقدسي الذي يعتبر من متون السنة التي عني العلماء بشرحها قديما. وأفاد عبد الرحمن الأهدل، الذي ساهم في تحقيق الكتاب الجديد، أن أصل هذا الشرح دروس لابن سعدي لطلابه يظهر أنها كانت ما بين عام 1347 إلى 1349 ه، موضحا أن منهج الكتاب اعتمد على نسخة المتن، ورقمت أحاديث عمدة الأحكام ترقيما تسلسليا، وجعل كل شرح تحت حديثه، وتم ربط الأبيات الشعرية إلى قائليها، وخرجت الآيات والأحاديث في الشرح تخريجا مختصرا، مع الترميز لتعليقات البسام، وجعل نسخة الشرح هي الأصل، وربط أحاديث المتن إلى مواضعها في الصحيحين، مع تصويب ما وقع فيه الناسخ من أخطاء إملائية، كما وضعت فهارس للكتاب ضمت سبعة أقسام للقواعد والضوابط الفقهية والفروق والتقاسيم والفوائد الفقهية، وفهرس لأحاديث متن عمدة الأحكام، وفهرس للموضوعات. ويعتبر البسام من أعز أصدقاء العلامة عبد الرحمن السعدي، من خلال ملازمته له كطالب ومن ثم كمعلم، وعاصر الرعيل الأول من علماء القصيم والحرم المكي. يشار الى أن البسام ولد عام 1334 ه في منطقة القصيم، وانتسب إلى أسرة آل بسام من سكان عنيزة في بيت عرف بالعلم، وتعلم قراءة القرآن والكتابة في مدرسة الكتاب كما يسمونها وصاحبها عبد العزيز محمد الدامغ رحمه الله، وحفظ كتاب الله في منزله، وبمتابعة جده عبد الله محمد البسام رحمه الله المتوفى عام 1346 ه. وفي عام 1345 ه، طلب من شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي أن يعين له وقتا للدراسة في العلوم الدينية لدراسة العقيدة الواسطية والأربعين النووية ومتن الاجرومية، وانتقل البسام للتدريس في المسجد الحرام عام 1367ه للحديث وعمدة الأحكام والفقه والروض المربع والرحبية والنحو، وعاصر كبار مدرسي الحرم المكي، مثل: عبدالحق في الحديث، عبد العزيز الراشد في الأحكام الفقهية، سليمان الحمدان في التوحيد، وحسن مشاط في الفقه والوعظ العام، ومن أئمة الحرم المكي عبدالظاهر أبو السمح، محمد عبد الرزاق حمزة، عبدالله الخليفي، وعبدالمهيمن أبو السمح رحمهم الله. والفقيد من المتخصصين في علم الفرائض، حيث قام بتحقيق كتاب «الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة الرحبية» للعلامة الفرضي عبد الله بن محمد الشنشوري.