يقهرني من يسمي الصحافة السلطة الرابعة لأنها عندنا السلطة الرابعة والأربعين، حيث يمكن أن يعبث بهيبتها العديد من الإدارات والشركات بل وحتى عابرو السبيل، نعم .. هذه هي الحقيقة .. الصحافة هي السلطة الرابعة والأربعون وهي تشبه إلى حد بعيد (أم أربع وأربعين) لأن هذه الأخيرة لها أرجل قصيرة وكثيرة .. فهي تحتاج الأرجل القصيرة كي يكون أبعد مدى لخطواتها قريب من مستوى النظر !، وتحتاج الأرجل الكثيرة تحسبا لإصابة إحدى الأرجل بالعطب فلا تضطر للتوقف من أجل معالجة هذه الرجل بل تكمل المسيرة اعتمادا على بقية الأرجل الكثيرة ..والحي أبقى من الميت!. وفي الوقت الذي استبشرنا فيه خيرا بارتفاع سقف الحرية حيث أصبحت الصحافة المحلية تتناول قضايا حقوق الإنسان وتتصدى لقوى الفساد وتنتقد العديد من الأجهزة الحكومية بل وتنجح أحيانا في إحراج بعض الوزراء، يأتي خبر جلد صحفي وسجنه لمجرد أنه انتقد أداء شركة الكهرباء ليثير الكثير من علامات الاستفهام، فيشعر كل صحفي بسبب هذا الخبر أن سقف الحرية الافتراضي يمكن أن يسقط على رأسه لأتفه الأسباب، خصوصا وأن العديد من الجهات والأفراد لا يقيمون أي وزن لدور الصحافة والمجتمع ويبحثون عن أي فرصة لجلد الصحافيين المزعجين على الملأ!. التهمة الموجهة إلى الزميل فهد الجخيدب مراسل جريدة الجزيرة في قبة هي التحريض على التجمع أمام شركة الكهرباء وكما يقول المثل: (قال وشلون عرفت إنها كذبة قال من كبرها) فقد تابعت ما نشر في الصحافة حول هذه القضية فوجدت أن المسألة لا تعدو كونها خبرا صحفيا عاديا جدا نشر في جريدة الجزيرة وصحف أخرى حول شكاوى أهل قبة بسبب انقطاع الكهرباء، وقبل ثلاثة أيام تلقيت اتصالا من الزميل فهد الذي عرفني بنفسه باعتباره الصحفي الذي سوف يجلد أمام شركة الكهرباء ويسجن شهرين بتهمة التحريض فقلت: (أعرفك .. ولكن هل يمكن أن تشرح لي القصة بالتفصيل لأنني لا أتخيل جلد وسجن صحفي بسبب تطرقه لمسألة انقطاع الكهرباء؟!). قال لي فهد الجخيدب إنه قبل عامين بدأت الكهرباء في قبة بالانقطاع في شهر رمضان وطلب منه الأهالي أن ينقل معاناتهم في الجريدة (باعتباره أحد ممثلي السلطة الرابعة والأربعين في هذه البلدة) فأكد لهم أنه لا يستطيع نقل الشكاوى بصورة يومية ولكنه سيتفق مع زملائه مراسلي الصحف على تصويرهم أمام شركة الكهرباء، وهذا ما حدث حيث أرسل لهم رسائل بالجوال وحضر هو مع بقية الصحفيين وتم تصويرهم ونقل شكاواهم ونشر الخبر في الجزيرة والوطن وموقع سبق الإلكتروني، وحرصا على المصداقية فقد أرسل نسخة من رسالة الجوال إلى رئيس شركة الكهرباء، ثم انفض المولد وذهب الناس إلى بيوتهم وتم تأمين مولدات كهربائية جديدة للبلدة في اليوم نفسه!. بعد ذلك فوجئ فهد بوجود قضية ضده في محكمة قبة، وطوال عامين لم يحكم القاضي السابق في هذه القضية إما لعدم قناعته بها أو بسبب تراكم القضايا أو لأي سبب آخر، وقبل عدة أشهر جاء قاض جديد إلى المحكمة وحكم فيها خلال يوم واحد وكان الحكم 50 جلدة (25 جلدة منها أمام مقر شركة الكهرباء) بالإضافة إلى سجنه لمدة شهرين!. ليس لدي ما أقوله سوى أن هذا الحكم يسيء إلى الواقع الإعلامي في البلاد والذي لا يختلف اثنان على أنه شهد تحسنا كبيرا في السنوات الأخيرة، وأتوقع أن الزميل فهد الجخيدب سوف يسير في الطريق فيتحاشى الناس لقاءه لأنه صحفي متهور قال إن الكهرباء انقطعت في رمضان ! ... وسواء تحرك الصحفيون لمساعدة فهد أم تركوه وحيدا فإن (أم أربع وأربعين) سوف تواصل مسيرتها الدؤوبة!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة