بكل أمانة، لم أكن لأصدق الخبر الذي مررت عليه مرور الكرام لأني كنت أتجاوزه بسرعة دون الدخول في تفاصيله على اعتبار أنه نكتة سمجة أو واحد من الأخبار التي تبثها رسائل الإيميلات العشوائية التي تضع عناوين مثيرة بينما محتواها «بايخ جدا» ولا علاقة له بالعنوان.. الخبر الذي أتحدث عنه هو الحكم بجلد صحافي وسجنه بسبب تبنيه متابعة ونشر مشكلة انقطاع الكهرباء في إحدى جهات المملكة، خبر لا يجعل عاقلا يتوقف عنده لأنه غير ممكن الحدوث، لكن للأسف الشديد كان لا بد أن أصدق الحكاية بعدما صابحنا الزميل خلف الحربي يوم أمس بتفاصيل الموضوع في مقاله «الصحافة: السلطة الرابعة والأربعون». بعد قراءتي لمقاله لم يكن بوسعي غير أن أقول: يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. منك لله يا خلف، كان خليتني أعيش في وهمي بأنها نكتة ثقيلة وبايخة.. الحكاية جد يا جدعان!!.. جلد يعني جلد، وسجن يعني سجن.. 50 جلدة سوف يتلظى تحت سياطها الصحافي «فهد الجخيدب»، وشهران سوف يمضيهما في السجن إذا لم نسارع إلى احتواء هذه الفضيحة الجديدة لأن «ثلاث في الرأس توجع» لاسيما عندما تحدث خلال أقل من شهر.. التهمة الموجهة للصحافي فهد على ذمة زميلنا خلف هي: التحريض على التجمع أمام شركة الكهرباء. ومفردة التحريض قد تكون حساسة عندما ترتبط بمواضيع أخرى أو دعوة لفعل شيء مسيء للوطن، ولكن حتى لو كانت التهمة صحيحة فما الخطأ الفادح الذي ارتكبه فهد حين تعامل مع مشكلة انقطاع الكهرباء بطريقته الصحافية الخاصة التي أدت في النهاية إلى إيجاد حل لها.. شركة الكهرباء لا علاقة لها بالأمن الوطني أو القضايا الوطنية السياسية الهامة. هي شركة مسؤولة عن توفير الكهرباء للناس الذين تتقاضى منهم مبالغ باهظة يجب أن تضمن لهم استمرارية التيار. ومن ناحية أخرى فقد تجمع مئات المعلمين أمام وزارة التربية والتعليم وأمام الديوان الملكي حين ضاقت بهم الأمور وأرادوا لفت الانتباه لها، ومع ذلك لم يتعرض لهم أحد ولم يودعوا السجن لأنهم كانوا يعبرون بشكل سلمي عن مشكلتهم، وبالتالي ما هي السلطة الاستثنائية التي تملكها شركة الكهرباء بخلاف غيرها؟؟. وكما أشار الزميل خلف فقد كنا على يقين أننا بلغنا حدا من حرية الصحافة نستطيع أن نباهي به كثيرا من الدول التي تدعي هذه الحرية لكنها لا تمارسها على الواقع، وكنا وما زلنا نطمح في المزيد من هذه الحرية التي تهدف إلى إصلاح كثير من الأمور المتعثرة ونقد السلبيات في أي موقع، ولذلك لا بد من التعامل مع هذه القضية بعقلانية كبيرة حتى لا تهدم سمعتنا أو تعيدنا إلى الوراء.. جلد إيه وسجن إيه يا شركة الكهرباء؟!.. فكري جيدا لتعرفي من يستاهل الجلد.. [email protected]