وصلتني بعض الاستفسارات عن ما إذا كنت ضد (السعودة). وأنا أرى أنه عندما نطرح السؤال إن كنت ضد (السعودة) أو معها، فإننا نفترض أن (السعودة) هي هدف نصبو إلى تحقيقه، وبالتالي نطرح السؤال إن كنت مع تحقيق هذا الهدف أي (السعودة) أو لا ؟ بينما أنا أرى أن الافتراض بأن (السعودة) هي هدف بحد ذاته هو افتراض غير متفق عليه أساسا، إذ إن الهدف الفعلي هو توظيف المواطنين فهناك اتفاق أو ربما إجماع على أننا نهدف إلى توظيف كل مواطن قادر وراغب في العمل، فأنا مؤمن أنه من حق كل مواطن يرغب في العمل ومستعد لذلك أن يجد عملا، كما إني مؤمن بأن عدم توفر فرص العمل وانتشار البطالة هو خطأ وضرر ليس فقط على العاطل عن العمل وإنما أيضا على أسرته وعلى المجتمع ككل. صحيح أن البطالة هي جزء من أي اقتصاد وأنه من المستحيل القضاء عليها تماما، ولكن هناك فرقا بأن يكون لدينا بعض البطالة الطفيفة وما بين انتشار البطالة بحيث يصبح لدينا أكثر من نصف مليون عاطل عن العمل، فهذا وضع خطير ومصدر أساسي للجريمة والفساد ويهدد أمن الوطن والمواطن سواء كان عاطلا عن العمل أو يعمل. وبالتالي فإني مؤمن بأهمية بل بضرورة محاربة البطالة في توفير فرصة عمل لكل مواطن قادر وراغب في ذلك، وهذا هو الهدف الذي يجب أن نسعى لتحقيقه ليس فقط لمصلحة الفرد وأسرته وإنما لمصلحة المجتمع ككل. وهنا تأتي (السعودة)، كإحدى الوسائل أو الأدوات لتحقيق هدف التوظيف للمواطنين، وبالتالي فإن (السعودة) هي وسيلة وليست هدفا وكغيرها من الأدوات أو الوسائل ممكن أن يكون لها استخدامات جيدة ومفيدة، كما يمكن أن يكون لها استخدامات غير جيدة ومضرة. (السعودة) هي أداة مثلها مثل أي أداة أخرى (كالقلم) على سبيل المثال أو (السيف) أو (الطائرة) فهذه جميعها أدوات أو وسائل يتم استخدامها لتحقيق أهداف، وليس من المنطق هنا أن نسأل إن كنا مع الوسيلة أو ضدها، أنا أرى أن الذي يسأل إن كنت مع (السعودة) أو ضدها هو كمن يسأل إن كنت مع (القلم) أو ضده، هاتان وسيلتان أو أداتان يتم استخدامهما، وإن كانت أي وسيلة أو أداة مفيدة لتحقيق أهدافنا فعلينا أن نكون معها، أما إن لم تكن فعلينا أن نكون ضدها. وبالتحديد إن ساهمت (السعودة) في توظيف السعوديين وقلصت أعداد البطالة فأنا معها (100%)، أما إن أدت (السعودة) إلى إغلاق المصانع وخروج المنشآت وبالتالي لم توظف سعوديين بل زادت من أعداد البطالة فأنا ضدها (100%). فالسعودة ليست هدفا بحد ذاتها ولا يجب أن تكون كذلك، وأيا من ينادي بالسعودة بأي تكلفة لأي نشاط يخلط بين الهدف هو (التوظيف للمواطنين) وما بين الوسيلة وهي (السعودة)، والاقتصاد ونموه يتطلب منا أن نكون دقيقين ونفرق ما بين ما يفيد وما يضر، وهذه مسؤولية ليست بسيطة ولا تقبل التعميم بنفس الأداة لكل نشاط ولكل زمان ولكل مكان. * عضو مجلس الشورى عضو هيئة التدريس، قسم الاقتصاد جامعة الملك عبدالعزيز (سابقا) [email protected]