رأى نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه أن هناك عددا من المسائل ينبغي أن تبحث بين الفقهاء لتحرير الفتوى فيها على ضوء الواقع، حيث يتجلى فقه الفقهاء وفهم العلماء في مراعاة (الواقع المستجد) من كل جوانبه؛ وخاصة تزايد أعداد الحجاج، وضيق الرقعة الجغرافية، وذهاب الأنفس شبه المطرد، وتطبيق الحكم الشرعي الذي ينشأ عن نظرة متوازنة للكلي مع الجزئي، تضع نصب عينيها المقاصد الشرعية الأكيدة، دون أن تغيب عن بصرها وبصيرتها النصوص الجزئية، لما يؤدي إلى إيجاد نسبية لاطراد المقصد وشموله، موضحا أن ذلك هو الوسطية التي لا يسع المتعاطي للفتوى إلا مراعاتها دون تقصير ولا شطط. وتطرق الدكتور ابن بيه إلى ثلاثة مطالب للتيسير في الحج، هي: مقصد التيسير في الشريعة الغراء، الذي هو من خصائص الرسالة، كما ورد في النصوص الشرعية، وليس التيسير ورفع الحرج قاعدة فقهية فقط عبر عنها الفقهاء بقولهم: «المشقة تجلب التيسير»، وقول الشافعي «الأمر إذا ضاق اتسع»، إلى غير ذلك من العبارات التي تصب في هذا الجدول، بل رفع الحرج والتيسير مقصد أعلى من مقاصد الشريعة، والثاني: توظيف اختلاف العلماء لرفع الحرج والمشقة عن الأمة، وذلك معنى كون الاختلاف رحمة، والثالث مقصد التيسير في الحج بخصوصه. وأشار ابن بيه أن فتاوى بعض العلماء تشير إلى أربعة أمور: أن التصريح برفع الحرج من الشارع فيمن خالف أفعاله في الحج بقوله: «افعل ولا حرج»، دليل لملاحظة مقصد التيسير، وأن الحج عبادة قرنت بالاستطاعة نصا، وأنه في كثير من أحكامه مبني على التخيير، والتخيير أساس التيسير، وأن بعض أفعال الحج المختلف فيها بالتقديم والتأخير، كالرمي، لا يوجد بخصوصها دليل قولي من الشارع، وإنما تدخل تحت دلالة الفعل، ودلالة الفعل دلالة ضعيفة، وإن كان مستندا إلى قوله: «خذوا عني مناسككم». فمعلوم أن أفعاله في الحج منها الواجب والمسنون والجائز، فيبقى الاحتمال قائما في تعيين أي منها، فقد حج راكبا، وهو أمر جائز، وقد حصب، وهو أمر مختلف في دلالته بين الجواز والاستحباب.