من محاسن الشريعة الإسلامية التيسير على المسلمين في كافة جوانب حياتهم ومعيشتهم، فكانت تلك ميزة امتازت بها شريعة الإسلام عن سائر الشرائع.. (لاحرج) زاوية يومية تتناول سلسلة من النماذج النيرة من سيرته صلى الله عليه وسلم تحوي دروسًا مضيئة وممارسات مباحة في التيسير والتسامح، ونبذ التشدد والتنطع في الدّين يقدمها الفقيه الشيخ الدكتور عبدالإله بن حسين العرفج. اليسر سمة بارزة في الشريعة الإسلامية، تتجلى للعيان في أصول الشريعة الإسلامية وفروعها، في كلياتها وجزئياتها، ومن الألفاظ القريبة من معناه التخفيف بمعنى تيسير ما كان فيه عسر، ومنها الترخيص أو الرخصة وهي الحكم الثابت ميسرًا، ومنها التوسعة وهي أعلى درجات اليسر، ومنها السماحة بمعنى السهولة والليونة، أمّا العسر فهو ضد اليسر، وهو منفي عن الشريعة، ومن الألفاظ المرادفة له الحرج وهي الأحكام المتضمنة مشقة فوق العادة، فيكون رفع الحرج بمعنى إلغاء الحكم أو تخفيفه أو التخيير فيه. وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على أن التيسير مقصد من مقاصد الشريعة، وأن الحرج مرفوع عنها. فقد قال تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، وقال تعالى: “يريد الله ليخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا”، وقال تعالى: “لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به”، وقال تعالى: “هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدِّين من حرج ملة أبيكم إبراهيم”. وقال رسول الله: “يسّروا ولا تعسروا، وبشروا -وفي رواية: وسكِّنوا- ولا تنفّروا” رواه البخاري ومسلم وأحمد، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري لما بعثهما إلى اليمن: “يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا” رواه البخاري ومسلم وأحمد. وقال: “إن هذا الدِّين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا ويسروا”. رواه البخاري والنسائي -واللفظ له- وقال: “إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره” رواه أحمد. وقال: “بعثت بالحنيفية السمحة” رواه أحمد. وقال: “لو جاء العسر فدخل هذا الجُحر لَجاء اليسر فدخل عليه فأخرجه”، فأنزل الله تعالى: “فإن مع اليسر يسرًا إن مع اليسر يسرًا” رواه الحاكم، وروي أنه لما نزلت هذه الآية خرج رسول الله فرحًا مسرورًا وهو يقول: “لن يغلب عسر يسرين” رواه الحاكم والبيهقي مرسلاً. وبمناسبة دخول شهر رمضان المبارك فإنني أبارك لجميع المسلمين حلول هذا الشهر، وأتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بإبراز بعض اليسر الذي يتجلّى بخصوصه فيه، وتتميز به هذه الشريعة على وجه العموم، خاصة إذا علمنا أن قوله تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” نزل ضمن تفاصيل تشريع الصيام.