يتصدر مفهوم «التيسير على الحجاج» أعمال وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد هذا العام، ليصبح على رأس قائمة الأولويات في جميع برامج توعية الحجاج، بالتركيز على تفعيل وتشجيع العمل بالقواعد الشرعية المتعلقة بالتيسير. ويؤكد ل «عكاظ» وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ أن التيسير إذا كان وفق ضوابطه الشرعية، فهو يتطابق مع مفهوم «خذوا عني مناسككم»، مطالبا الدعاة في الحج بالتيسير على الحجاج، والحرص على براءة الذمة في إصدار الفتوى، موضحا أن الحاج يحتاج معلومات بسيطة وميسرة تساعده على معرفة الطريقة الصحيحة والسليمة عن المناسك والآداب والأحكام والواجبات المرتبطة بها.. وفيما يلي نص الحوار: علاقة وطيدة • يفهم البعض أن التيسير الذي يدعو إليه بعض العلماء، هو خروج عن قول النبي صلى الله عليه وسلم «خذوا عني مناسككم».. ماذا تقولون؟ هذا المفهوم يخالف ما ورد في اجتهادات الخلفاء الراشدين، فنجد أن بعضها فيه تيسير على الناس من خلال بعض أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وفي فتاواه، وهي ليست عامة ولكنها موجودة في بعض الحالات. فإذا نظرنا إلى فتاوى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما وفتاوى مفتي الحج كعطاء وغيره، وجدنا أنه كان يوجد هناك اجتهادات كبيرة لم يفهمها العلماء على أنها خروج عن قاعدة «خذوا عني مناسككم». إذن فالتيسير إذا كان منضبطا وفق ضوابطه الشرعية، فهو ينطلق حينئذ من مفهوم «خذوا عني مناسككم»، وتصبح له علاقة أيضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج»، ويدخل في مضامين «خذوا عني مناسككم»، وكذلك يصبح مرتبطا بقول الله تعالى: «وما جعل عليكم في الدين من حرج»، و«خذوا عني مناسككم». المشقة تجلب التيسير • ما هو المفهوم الواسع لقاعدة «المشقة تجلب التيسير» من خلال حديث «خذوا عني مناسككم»؟ وكيف يمكن توصيلها إلى الدعاة في الحج؟ من الناحية العملية لا شك أن الفقيه الذي يطبق قاعدة «وما جعل عليكم في الدين من حرج»، وقاعدة «المشقة تجلب التيسير»، هو في الواقع يطبق المفهوم الشامل لمعنى «خذوا عني مناسككم» وهو مطلب مهم في هذا الزمن. فإذا استطعنا إيصال مفهوم هذا الفقه الى الدعاة والمشاركين في الحج فإننا بذلك نؤكد ونغرس هذا المفهوم وندعم توجه وحرص الدعاة في استخدام هذه القاعدة، ونحن بفضل الله تعالى بدأنا في ذلك منذ سنوات ونكرر على الدعاة ونقول لهم دائما: إذا سألكم أحد الحجاج عن كيفية أداء الحج فأرشدوه بالسنة، أرشدوه إلى كيفية حج النبي صلى الله عليه وسلم، بما يجعلكم تيسروا عليه حجه ولا تعسروه عليه، ثم إذا سأل بعد أن يكون قد وقع في الخطأ ويكون في حيرة فلا تشددوا عليه في الحكم، لأنه قد وقع في هذا الخطأ وقد يكون ذلك حصل منه عن جهل أو نسيان أو حصوله على معلومات فيها ما فيها من الخلل فيقع في الخطأ، بسبب المعلومة الخطأ، فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أسامة بن شريك المعروف: جاء رجل فقال يا رسول الله: سعيت قبل أن أطوف، قال: «اسع ولا حرج»، ومع أن السنة واضحة في أن يكون الطواف ثم السعي، وهذا الحديث رواه أبو داوود، وكان سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يصححه ويأخذ به. والسؤال هنا لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: «اسع ولا حرج»، لأنه فعل الفعل وانتهى، فإذا حمله ما لا يطيق أحيانا وطلب منه العودة ليطوف ثم يسعى فيكون في ذلك مشقة عليه، والمشقة تجلب التيسير وهذه هي القاعدة التي تسعى الوزارة لتحقيقها وحث الدعاة للعمل بها وغرسها في الأذهان لتصبح قاعدة أساسية. فقه التيسير • ما هي إذن كلمتكم للدعاة في الحج؟ دعاتنا لديهم قناعة بفقه التيسير، ولقد تأكد لنا خلال الأعوام الماضية من خلال حسن تعاملهم مع الحجاج وحرصهم على إرشادهم مع تقيدهم بهذه القاعدة المهمة للتيسير عليهم، لكننا نذكرهم دائما بما يساهم في التخفيف على الحجاج، ونقول لهم باستمرار في لقاءاتنا المتواصلة معهم عليكم بالتيسير ورفع الحرج عن الحجاج فيما لم يظهر دليل عليه، توخوا التيسير ولا تكونوا معسرين، فالقواعد الشرعية في التيسير، مؤكدة لتقوى الله عز وجل والخوف منه، لقوله تعالى: «وما جعل عليكم في الدين من حرج». احرصوا على أن تكونوا مرشدين للحجاج بما يحقق لهم الحج المبرور من خلال التيسير عليهم، وأن تراعوا ظروف كل حاج، وأحواله الصحية وقدرته البدنية، ومعرفته للتعليمات واللغات والتيقن من معرفته بالمناسك، وأن تفهموا معاني الكلمة التي تقولونها، وأن تكونوا على قلب رجل واحد. التزموا الوسطية في فتاواكم وكافة تعاملاتكم مع الحجاج القادمين، كونوا قريبين من الحاج، مصغين إليه بشكل جيد، متفهمين له، ميسرين عليه لا معسرين، قريبين منه بما يهدئ نفسه ويجعلها مطمئنة، وتعرفوا على الفروقات النفسية والبدنية والمذهبية للحجاج رجالا ونساء كبارا وصغارا. • لماذا لم نجد تطويرا لأعمال التوعية في الحج؟ بدأنا فعلا، في تنفيذ خطوات تطويرية جديدة بجملة من التنظيمات الإدارية والشرعية، التي بدأت منذ بداية العام الحالي. ونسعى للتجديد المستمر في برامج التوعية من خلال المتابعة وتحديد السلبيات والإيجابيات، خصوصا أن الظروف تختلف من عام لآخر باختلاف الحجاج، وتنوع أسئلتهم واستفساراتهم، مما يتطلب إعداد ومراجعة الخطط والبرامج بعد كل موسم، لإعطاء الوقت الكافي لمراجعتها، والاستفادة من خبرات الأعوام السابقة ومن البرامج التقنية لتعليم المناسك للحجاج بلغة بلادهم.