كما تأثرت أجزاء المنطقة المركزية بساحات الحرم المكي وأسواق مكة القديمة وأزقتها بجملة المشاريع الضخمة، فإن زمزم كماء مبارك ببئره ووسائل سقياه شهد هو الآخر تحولا كبيرا حوله من سقيا بالدلو إلى السقيا الحاسوبية بواسطة الميكنة الحديثة. وداخل هذه التطورات لا تزال مهنة الزمازمة خالدة في الذاكرة، التي يحكي حسين سليمان بيطار أحد أبناء الزمازمة تفاصيلها: لكل زمزمي خلوة داخل المسجد الحرام يضع فيها أوانيه المكونة من الأزيار الكبيرة ويطلق عليها أزيار مغربية والدوارق والشراب والحنابل والمفارش والطيس المنقوش عليها آيات قرآنية والمصنوعة من النحاس. كان ماء زمزم ينقل بواسطة السقاة المتخصصين في أروقة الحرم من بعد صلاة الصبح بواسطة القرب المصنوعة من الجلد، وهناك بسط في حصاوي المسجد الحرام لكل زمزمي بحسب أعداد حجاجه موزعة في أنحاء الحرم الشريف. وبحسب البيطار، يتولى الزمزمي وأبناؤه والخدم التابعون له وضع الدوارق والشراب بعد أن يضع عليها النيشان الخاص به؛ وهو عبارة عن علامة تميزه عن الآخر، ثم تتبعها عملية تبخير الأزيار بماء الورد والكادي والزهر تمهيدا لتعبئتها في الدوارق والشراب الصغيرة، فيما يرتدي أبناء الطائفة البالغ عددهم نحو 900 فرد، اللباس التقليدي وهو عبارة عن بقشة وعمامة وسديرية. ومن خلال رحلاته المتعددة، ما زال البيطار يذكر قصة رجل أذربيجاني صادفه في العاصمة باكو أثناء الأسبوع الثقافي السعودي ويقول «جاء في الحديث النبوي أن ماء زمزم لما شرب له، وهذا ما حدث مع زوجة صقر (32 عاما) من جمهورية أذربيجان التي كانت تعاني من العقم لكن توفر ماء زمزم في العاصمة الأذربيجانية باكو وبدعاء صادق من قلب متعطش لمولود كتب الله سبحانه وتعالى أن تودع زوجته العقم وأن تكون حاملا بعد أقل من أسبوع من شربة زمزم.