اطلعت على مقال أخي الأستاذ عبد العزيز السويد بعنوان: «لماذا لا تغلق وزارة الحج هذا الملف؟» المنشور في جريدة الحياة بعددها 17357 الصادر يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة 1431ه، والذي تناول فيه شأن المطوفات ودورهن في أعمال الحج. وإذ أعجبني اهتمام الكاتب بهذه القضية أجد نفسي مدفوعا للخوض فيها وطرح بعض الجوانب والحقائق التي ربما لم يتسن للأستاذ الفاضل الإلمام بها. باعتباري شديد الاهتمام بالمرأة المطوفة ودورها في خدمة الوطن والحج. أولا : ليس الهدف من هذه السطور الولوج في سجال مع زملاء القلم بل هي الرغبة الصادقة في مشاركة المعلومات والمساهمة في تحليل الظواهر بحثا عن الحق والعدل والإنصاف، فكما نسارع في نقد المسؤول فإن أمانة القلم تقتضي توضيح الحقائق والدفاع عنه بعيدا عن أي اعتبارات أخرى. ثانيا: سبق أن كتبت عشرات المقالات وألفت عددا من الكتب المتخصصة في مهنة الطوافة الشريفة وهي كتاب: «أخلاق الطوافة وقيمها». وكتاب: «الطوافة والسلبيات ومحاولة للفهم». وشاركت في العديد من الندوات والمحاضرات التي تناولت شؤون وشجون المطوفين. وكنت دوما حريصا على الموضوعية باحثا عن العدالة، فانتقدت حيث ينبغي النقد وبصوت عال وجريء وواضح. وأشدت حين لا بد من الإشادة ولم أخف من أحد ما. وهنا يصعب إنكار النقلة النوعية الكبيرة في أعمال مؤسسات الطوائف خلال السنوات القليلة الماضية ويكفي الاستماع إلى ما صرح به الأمير نايف بن عبد العزيز في أكثر من مناسبة عن تطور أداء هذه القطاعات الحيوية. فضلا عن نيل إحدى هذه المؤسسات جائزة مكة للتميز ذات الشروط الدقيقة والمعايير الصارمة. وهي منح صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل ..[ جائزة التميز ].. لمؤسسة جنوب آسيا، وذلك لتميز الكثير من أعمالها وإنجازاتها ومن ضمنها إبراز الجانب النسائي في إنجازاتها. ثالثا: لقد سنحت لي أكثر من فرصة للحديث مباشرة مع أخي وصديقي معالي وزير الحج الدكتور فؤاد الفارسي الرجل الكبير في أخلاقه وتواضعه الجم. ولم تخل هذه اللقاءات من التطرق إلى دور المرأة المطوفة في أعمال الحج ولم تخل مناقشاتي وحواراتي من الحدة. والمصارحة والجرأة والتي قابلني بها معالي الوزير الخلوق بكل احترام ولياقة وأدب وحوار لايخلو من الصراحة والوضوح، وهذا ما عهدته فيه. وهنا أجدني ملزما بنقل أفكاره ورؤاه ففيها من العمق والحكمة ما يستوجب النشر. رابعا: يؤكد التاريخ الدور البارز للمرأة في خدمة ضيوف الرحمن، وقد تأثر هذا الدور خلال الثلاثة عقود الماضية، وذلك لأسباب منطقية أفرزتها معطيات تلك المرحلة. حيث تنطوي فكرة المؤسسات على قيام البعض بخدمة الحجاج نيابة عن الكل، وتشكلت بذلك مجموعات ومكاتب تشمل عددا من المطوفين الذكور يعملون في إطار جماعي وكان من الصعب مشاركة المرأة معهم إلا عبر وكلاء شرعيين. وظهرت بعض المحاولات لإنعاش الدور المباشر للمطوفة غير أن الفراغ النظامي أسهم في إضعاف فعاليتها حيث عاشت هذه المؤسسات أكثر من ربع قرن تحت المسمى التجريبي . خامسا: أما الآن وبعد صدور قرار مجلس الوزراء القاضي بتثبيت المؤسسات في عام 1428ه فقد أتاحت الوزارة لجميع هذه الكيانات فرصة تقديم مبادرات لتطوير عمل المرأة المطوفة في هذه المنظومة الحديثة بهدف بناء خبرة تراكمية لهذا الدور تساهم في وضع التنظيمات الملائمة، حيث لاتوجد تجارب حقيقية لهذا النشاط، وتقوم الوزارة بمراقبة وتقويم هذه المبادرات بعناية شديدة وهدوء تام متوشحة بالصبر والروية. سادسا: من الأمثلة على المبادرات التي ترصدها الوزارة: إنشاء أقسام للمساهمات في بعض المؤسسات، وقيام مؤسسات أخرى بتفعيل عمل المرأة المطوفة من خلال النشاط التطوعي الذي يعنى بالجوانب الإنسانية والتوعوية والترفيهية والاجتماعية للنساء والأطفال من الحجاج. كما بادرت بعض مكاتب الخدمة في بعض المؤسسات بتعيين مشرفات على مخيمات النساء من الحجاج لمتابعة الخدمات المقدمة لهن وتذليل كافة ما يعترضهن من صعوبات. وهناك نماذج أخرى للعمل النسائي في خدمة الحجاج يمثل في مجمله رصيدا معلوماتيا ثريا سيفضي إن شاء الله إلى أنظمة وتعليمات فعالة بعد الفراغ من إعادة هيكلة المؤسسات واكتمال بنيتها النظامية.. وفي الختام.. يجب أن أنقل بأمانة ما قاله وزير الحج عندما أشار بضرورة أن يكون للمرأة المطوفة دور فاعل مباشر في خدمة الحجاج يراعي الاعتبارات الشرعية والاجتماعية والثقافية، والوزارة في سبيلها إلى توفير هذا الدور في الوقت المناسب. ومن هنا فإن ملف عمل المطوفة في المؤسسات لم يفتح بعد. ونحن بدورنا نتطلع بثقة وتفاؤل إلى ما يحمله المستقبل من إنجازات على يد رجال مخلصين يفضلون العمل بصمت بعيدا عن الأضواء. والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض وساعة العرض، وأثناء العرض. * أديب وكاتب سعودي للتواصل :5366611 [email protected]